ذلك هو المفروض في بحثنا هذا ـ فإنّ بحثنا هذا بحث عن إمكان استفادة الترخيص في أحد الطرفين من طريق الأصل العملي بعد الفراغ عن إمكان الترخيص في أحد الطرفين واقعا ، فبعد الفراغ عن إمكان الترخيص ثبوتا نبحث عن مدى إمكان استفادته إثباتا وبلحاظ الأدلة ، وإذا كان جعل الترخيص في أحد الطرفين ممكنا واقعا فلازمه انّ العلم الإجمالي مقتض لوجوب الموافقة وليس علّة تامّة ؛ إذ لازم العلّية التامة عدم إمكان الترخيص واقعا في أحد الطرفين ـ وما دام استدعائه لذلك بنحو المقتضى فالموافقة القطعية تكون واجبة فيما لو لم يرخّص الشارع في عدمها فإذا فرضنا إمكان استفادة الترخيص في عدمها ببركة أدلّة الاصول العملية فلا تكون واجبة.
والخلاصة : انّه لا تنافي بين الترخيصين الظاهريين المشروطين وبين التحريم الواقعي ؛ إذ التنافي امّا بلحاظ نفس الجعل أو بلحاظ المبادئ أو بلحاظ الامتثال ، وقد اتّضح انّه لا تنافي في جميع هذه المراحل. ولم يبق للسيّد الخوئي إلاّ أن يقول انّي ادّعي التنافي بشكل رابع (١) ، وهو انّ نفس اجتماع الترخيصين الفعليين في ارتكاب المحرم الواقعي قبيح وإن لم تلزم مخالفة عملية قطعية خارجا.
وجوابه : ان هذه دعوى عهدتها على مدعيها ، فانّا لا نرى محذورا في الترخيص الفعلي في ارتكاب المحرم الواقعي ما دام لا يؤدي إلى المخالفة القطعية خارجا.
__________________
(١) التنافي بهذا الشكل الرابع لم يذكره السيد الشهيد في عبارة الكتاب مع انّ تمام نظر السيد الخوئي إليه فكان من المناسب الإشارة له