وأن نتيقن بأدائها وفراغ ذمّتنا منها فله علينا حقّ الطاعة في تحصيل الامتثال بنحو اليقين دون الاحتمال والظنّ.
ومثال ثاني للأصل العقلي : قاعدة قبح العقاب بلا بيان فإنّ مرجعها لدى المشهور إلى أنّ المولى ليس له علينا حقّ الطاعة في التكليف الذي يكون ثبوته على مستوى الاحتمال دون الجزم.
ومثال ثالث للأصل العقلي : حكم العقل بمنجزية احتمال التكليف ـ كما هو المختار خلافا للمشهور (١) ـ فإنّ مرجعه إلى أنّ المولى له حقّ الطاعة علينا في التكليف المحتمل ولا يتحدّد بخصوص التكليف المتيقن.
وبالجملة أن الفرق بين الأصل الشرعي والأصل العقلي هو أنّ مضمون الأصل العقلي حكم عقلي يرتبط بتوسعة حقّ الطاعة وتضييقه.
وبعد أن عرفنا الأصل الشرعي والعقلي نأخذ باستعراض جملة من خصائصهما ليتجلّى حالهما أكثر. والخصائص خمس هي : ـ
١ ـ ما ذكرناه سابقا وهو أنّ الأصل الشرعي حكم شرعي بينما الأصل العقلي حكم عقلي (٢) يرتبط بتوسعة حقّ الطاعة وتضييقه.
__________________
(١) يقول المشهور ان احتمال التكليف ليس منجّزا والعقل يحكم بقبح العقاب على التكليف ما دام ثبوته غير معلوم خلافا للسيد الشهيد حيث يرى ان احتمال التكليف منجز وإن قاعدة قبح العقاب لا أساس لها. وسيأتي التعرّض إلى هذا المطلب مفصلا ص ٢٩ من الحلقة
(٢) تقدّم أواخر القسم الأوّل من الحلقة ص ٤٢٤ أنّ الحكم العقلي تارة يكون نظريا واخرى عمليا.
فالحكم العقلي النظري هو الحكم المتعلّق بشيء ثابت في الواقع ولا يرتبط بجانب العمل وذلك كالحكم باستحالة اجتماع النقيضين ، فإنّ الاستحالة المذكورة أمر ثابت في الواقع ولا ربط له بجانب العمل. ـ