هذا بالنسبة إلى الاصول الشرعية. وقد اتّضح انّه وإن لم يكن بينها تعارض في مقام الثبوت إلاّ أنّه يمكن وقوعه بينها في مقام الإثبات.
وهذا بخلافه في الاصول العقلية فإنّه لا تعارض بينها لا في مقام الثبوت ولا في مقام الإثبات.
أمّا أنّه لا تعارض بينها في مقام الثبوت فلأنّ العقل لا يمكن أن يحكم بحكمين متنافيين.
وأمّا أنّه لا تعارض بينها في مقام الاثبات فلأنّ مقام الإثبات في الأحكام العقلية هو عين مقام الثبوت ؛ إذ مقام الإثبات فيها ليس هو إلاّ عبارة عن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مثلا ومن الواضح أنّ حكم العقل هذا هو نفس مقام الثبوت وليس شيئا آخر يغايره ، وما دام هو نفس مقام الثبوت فلا يمكن أن يقع التعارض لأنّ الأحكام العقلية لا تعارض فيما بينها في مقام الثبوت.
وهذا كلّه بخلافه في الاصول الشرعية فإنّ مقام الثبوت فيها يغاير مقام الإثبات فمقام الثبوت عبارة عن عالم الجعل والتشريع بينما مقام الإثبات هو عبارة عن لسان الروايات ، وبالإمكان وقوع التعارض في لسان الروايات.
٥ ـ لا يمكن وقوع التعارض بين الاصول الشرعية والاصول العقلية ؛ لأنّ مضمون الأصل العقلي إذا كان موافقا لمضمون الأصل الشرعي ـ كما في أصل البراءة العقلي وأصل البراءة الشرعي (١) فإنّ مضمون كل واحد منهما هو البراءة ـ
__________________
(١) إذا كان مستند أصل البراءة قاعدة قبح العقاب سمّي بأصل البراءة العقلي ، وإذا كان مستنده مثل حديث « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » سمّي بأصل البراءة النقلي أو الشرعي