وباختصار : أن الأصل العقلي ينحصر في البراءة والاحتياط بخلافه في الأصل الشرعي فيمكن افتراض أصل ثالث كالاستصحاب مثلا.
٤ ـ ان الاصول الشرعية وإن كان لا تعارض فيما بينها بلحاظ عالم الثبوت إلاّ أنّه يمكن وقوع التعارض فيما بينها بلحاظ عالم الإثبات ، فالشارع المقدس حينما شرّع الاستصحاب وأصل البراءة لا بدّ وأن لا يكون بينهما في مقام الجعل والتشريع ـ وعبّر في الكتاب عن عالم الجعل بمقام الثبوت ـ تعارض وتناف فإنّ الشارع لا يعقل أن يشرّع حكمين متعارضين ولكن من المعقول وقوع التعارض بينهما في مقام الإثبات أي بلحاظ لسان الدليل ، كما لو فرض الشكّ في وجوب الجمعة زمن الغيبة فإنّ مقتضى أدلّة البراءة عدم ثبوته لأنّ الوجوب زمن الغيبة ما دام مشكوكا فهو موضوع عن المكلّفين بمقتضى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع عن امّتي ما لا يعلمون » بلا فرق في ذلك بين أن يكون الوجوب متيقنا في الزمان السابق أو لا بينما مقتضى الاستصحاب ثبوته لأنّه ـ الوجوب ـ كان ثابتا زمن الحضور وبالاستصحاب يثبت بقاءه زمن الغيبة أيضا.
__________________
ـ الإباحة حكما شرعيا مجعولا ، فإباحة شرب الماء ماذا يقصد منها؟ فهل المقصود الزام المكلّف بأنّه أمّا يشرب أو لا يشرب؟ وهو باطل لأنّه تكليف بما هو حاصل إذ صدور الفعل أو الترك من المكلّف أمر قهري بلا حاجة إلى تكليف بذلك.
أو انّ المقصود نفي الالزام بالفعل والترك وإنّ المكلّف لا يجب عليه فعل الشرب ولا تركه ، وهو وإن كان معقولا لكنّه لا يحتاج إلى جعل إذ مجرّد عدم جعل الوجوب للفعل ولا للترك يكفي في تحقّق الإباحة بلا حاجة إلى جعل وتشريع.
هذا كلّه لو كانت الإباحة لا اقتضائية. وأمّا الاقتضائية فيمكن عدّها حكما مجعولا بلا ورود ما سبق عليها