في جواز ارتكاب إناء البرتقال لقاعدة « رفع عن امّتي ما اضطرّوا اليه » ، وإنّما الإشكال في جواز ارتكاب الإناء الثاني.
والصحيح : جواز إرتكابه لأنّ كلّ حكم من الأحكام في التشريع الإسلامي مقيّد بعدم الإضطرار ، فالصوم واجب ، وهو مقيّد بعدم الإضطرار إلى تركه ، والسرقة محرّمة وهي مقيّدة بعدم الاضطرار إلى ارتكابها ، وهكذا بقيّة الأحكام.
ومن جملة الأحكام : حرمة تناول النجس في مقامنا ، فإنّها مقيّدة بعدم الاضطرار ، فإذا اضطرّ المكلّف إلى شرب ماء البرتقال في المثال السابق زال العلم الإجمالي بالحرمة إذ من المحتمل ثبوت النجاسة في إناء ماء البرتقال ، وعلى تقدير ثبوتها فيه تزول الحرمة بسبب الإضرار إلى تناوله ، ومعه يكون الشك في حرمة الإناء الثاني شكّا بدويّا فتجري البراءة فيه بلا معارض ، إذ إناء البرتقال لا يوجد بلحاظه شكّ حتّى يحتاج إلى إجراء البراءة فيه بل تجري في الإناء الثاني بلا معارض.
وبهذا نعرف أنّ الركن الذي انعدم في هذه الحالة هو الركن الأوّل من الأركان الأربعة المتقدّمة وهو العلم بجامع التكليف ، فإنّا عرفنا أنّ العلم بالجامع منعدم في هذه الحالة وإنّما هناك شكّ بدوي في ثبوت الحرمة بالنسبة إلى الإناء الثاني.
هذا ولكنّا نستدرك ونقول أنّ العلم الإجمالي إنّما يسقط عن المنجّزيّة بالنسبة إلى الإناء الثاني فيما لو فرض أنّ الاضطرار كان ثابتا قبل العلم الإجمالي ، وأمّا إذا كان ثبوته بعد العلم الاجمالي فيبقى العلم الإجمالي على المنجّزيّة بالنسبة