وفي هذه الصورة لا إشكال أيضا في جواز ارتكاب أحد الطرفين لقاعدة « رفع عن امتي ما اضطروا إليه » وإنّما الاشكال بالنسبة إلى الطرف الثاني فهل يجوز ارتكابه؟
وبكلمة اخرى : لا إشكال في عدم وجوب الموافقة القطعية ، وإنّما الاشكال في جواز المخالفة القطعية وعدمه.
والشيخ الأعظم قدسسره في رسائله حكم بوجوب الاجتناب عن الطرف الثاني في هذه الصورة للعلم بثبوت الحكم بوجوب الاجتناب على كل تقدير ، فان النجاسة لو كانت في الطرف الأوّل وجب الاجتناب عنه لامكان دفع الاضطرار بارتكاب الطرف الآخر لفرض ان الاضطرار لم يتعلق بطرف معين بخصوصه. وهكذا لو كانت النجاسة ثابتة في الطرف الثاني فيجب الاجتناب عنه لامكان دفع الاضطرار بارتكاب الطرف الأوّل.
اذن المكلّف في هذه الصورة يعلم بثبوت الحكم بوجوب الاجتناب عليه على كل تقدير فيجب عليه الاجتناب عن أحد الطرفين وان جاز له ارتكاب أحدهما للاضطرار.
وهذا بخلافه في الصورة الأولى فان المكلّف لا علم له بوجوب الاجتناب على كل تقدير إذ على تقدير وقوع النجاسة في إناء الرمان فالاجتناب عنه وان كان واجبا إلاّ أنّه على تقدير وقوعها في إناء البرتقال لا يجب الاجتناب عنه لفرض الاضطرار إلى خصوص البرتقال.
هذا هو الفارق بين الصورتين في نظر الشيخ الأعظم (١).
__________________
(١) ولا حاجة إلى تشقيق المسألة وفرض الاضطرار إلى غير المعين تارة قبل العلم واخرى ـ