والآخوند اختار في هذه الصورة عدم وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر أيضا كما اختار ذلك في الصورة السابقة. وذكر في الردّ على الشيخ الأعظم ان النجاسة لو كانت قد أصابت الإناء الأوّل فالاضطرار وان كان يندفع بإرتكاب الإناء الثاني ولكن المكلّف له حق اختيار الإناء الأوّل. وما دام له اختياره فاذا مدّ يده لتناوله ارتفع الحكم بوجوب الاجتناب عنه ولا يبقى لديه علم إجمالي بوجوب الاجتناب ، ومعه فيجوز له اجراء البراءة في الإناء الثاني بلا معارض.
والسيد الشهيد أوضح رأي الآخوند ضمن منهجة تتركب من مقدمات ثلاث (١) :
أ ـ ان العلم الإجمالي علة تامة لوجوب الموافقة القطعية ، بمعنى انه متى ما ثبت العلم الإجمالي ثبت وجوب موافقته القطعية ولا يمكن التفكيك بينهما.
ب ـ ان المعلول ساقط ، بمعنى ان وجوب الموافقة القطعية غير ثابت اذ المفروض جواز ارتكاب أحد الطرفين من جهة الاضطرار.
ج ـ ان المعلول اذا سقط كشف ذلك عن سقوط علته التامة ـ إذ لا يمكن سقوط المعلول مع ثبوت علته التامة ـ وهي العلم الإجمالي بثبوت التكليف الفعلي ، فالموافقة القطعية اذا لم تجب كشف ذلك عن عدم بقاء العلم الإجمالي
__________________
ـ بعده ووجه ذلك : ان الاضطرار إلى غير المعين سواء كان حادثا بعد العلم الإجمالي أو قبله فالمكلّف يعلم إجمالا بالتكليف الثابت على كل تقدير فيكون منجزا عليه سواء كان اضطراره قبلا أم بعدا
(١) هذا الدليل بالمنهجة المذكورة وان لم يذكر في الكفاية ولكنه من حيث الروح هو نفس ما نقلناه عنها