الحالة المذكورة ، فكما ان المكلّف لو اضطر إلى فعل المحرم ـ كشرب ماء البرتقال ـ ترتفع حرمته كذلك لو اضطر إلى ترك ارتكاب المحرم ترتفع حرمته فالاضطرار إلى الترك قيس على الاضطرار إلى الفعل وحكم في كليهما بارتفاع الحرمة.
وفي مقام الجواب نقول : ان هذا القياس مع الفارق فلا وجه لقياس الاضطرار إلى الترك على الاضطرار إلى الفعل ، فان من اضطر إلى شرب ماء البرتقال يمكن ان يقال بسقوط علمه الإجمالي ـ بنجاسة إمّا ماء البرتقال أو ماء الرمان ـ عن المنجزية إذ مع الاضطرار لا يمكن توجيه الخطاب بالحرمة إليه فإن التكليف بغير المقدور لغو وقبيح ، وما دام لا يمكن التكليف بغير المقدور فلا يتشكل علم إجمالي بالتكليف فلا يمكن للمكلف ان يقول انّي اعلم بحرمة ثابتة اما في ماء البرتقال أو في ماء الرمان.
وهكذا لا يتشكل علم اجمالي من حيث الملاك ـ أي المبغوضية والمفسدة ـ فلا يمكن ان يقول المكلّف إنّي علم بثبوت المبغوضية إمّا في تناول ماء البرتقال أو في تناول ماء الرمان ، إذ كما ان الاضطرار يرتفع بسببه الخطاب بالحرمة كذلك من المعقول ان ترتفع بسببه المغوضية.
واذا لم نجزم بان الاضطرار إلى شرب النجس يزيل بغض المولى عن تناوله فلا أقل من احتمال ذلك (١) ، فان شرب النجس بسبب طرو عنوان الاضطرار عليه يحصل له فردان : شرب النجس غير المضطر إليه وشرب النجس المضطر إليه ، ومن المعقول ان تكون المبغوضية ثابتة في أحد الفردين ـ وهو شرب
__________________
(١) واكتفي في عبارة الكتاب بابراز الإحتمال حيث قيل : « فيمكن ان يفترض إلخ » ولم يجزم بانتفاء الملاك باعتبار ان مجرد احتمال انتفاء الملاك يكفي لعدم تشكل العلم الإجمالي بلحاظ الملاك