لعدم وجود الفائدة في إجرائها حينذاك.
وقد تقول إنّ الفائدة هي إسقاط العلم الاجمالي عن المنجّزية ، ففائدة البراءة العقلية هي أنّ العلم الاجمالي بثبوت الوجوب أو الحرمة يسقط عن المنجّزية ، أي يسقط عن كونه بيانا ، فانّه إذا سقط عن كونه منجّزا فلازمه انّه ليس بيانا والاّ كان منجّزا.
ولكن هذا توهّم باطل فإنّ البراءة العقلية أي قاعدة قبح العقاب بلا بيان تقول متى ما كان المورد لا بيان فيه فالعقاب فيه قبيح ولا تقول إنّ العلم الاجمالي بيان أو لا ، فإنّ القاعدة لا تثبت موضوع نفسها والحكم لا يثبت موضوع نفسه (١).
وعليه فقاعدة قبح العقاب لا يمكن التمسّك بها إلاّ في موارد الشك الوجداني حيث انّ عدم البيان يكون ثابتا بالوجدان ، وأمّا في موارد العلم الاجمالي بثبوت أحد الحكمين فلا يمكن التمسّك بها ، فإنّ القاعدة المذكورة كسائر القواعد الاخرى لا تثبت موضوع نفسها.
وبهذا يتّضح انّه لا بد من إسقاط العلم الاجمالي عن البيانية في مرحلة سابقة على إجراء البراءة العقلية ، وإذا تمسّكنا بقاعدة قبح إدانة العاجز سقط العلم الاجمالي عن البيانية ، وحينئذ يصير موضوع قاعدة قبح العقاب متحقّقا ، فإذا تحقّق فقد يتوهّم حينذاك إمكان التمسّك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ولكنّه توهّم فاسد أيضا ، فحتى في هذه الحالة لا يمكن التمسّك بقاعدة قبح العقاب ، فانّه
__________________
(١) فلو قيل أكرم العالم فهو لا يثبت أنّ هذا الشخص عالم أو لا ، وإنّما يقول لو كان هذا أو ذاك عالما فأكرمه