إذا تمسّكنا بقاعدة قبح إدانة العاجز في مرحلة سابقة وثبت الترخيص في الفعل والترك صار التمسّك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان لإثبات الترخيص لغوا إذ إثبات الترخيص من جديد بعد ثبوته سابقا يكون إثباتا لما هو ثابت.
والخلاصة : إنّ التمسّك بقاعدة قبح العقاب بلا بيان فرع إحراز عدم البيان ، ولكن كيف يحرز عدم البيان مع فرض وجود العلم الاجمالي!! إنّ من اللازم اسقاط العلم الاجمالي عن المنجّزية ليتحقّق بذلك عدم البيان ، واسقاطه عن المنجّزية إن كان بنفس قاعدة قبح العقاب فهو غير ممكن لما تقدّم ، وإن كان بقاعدة قبح إدانة العاجز يلزم اللغوية (١).
ويمكن ردّ الاعتراض المذكور بأنّا نختار اجراء البراءة العقلية بعد سقوط العلم الاجمالي عن البيانية بقاعدة قبح إدانة العاجز ، ولا يلزم ما ذكر من محذور اللغوية لأنّ ما يمكن أن يكون منجّزا في مقامنا أمران : العلم الاجمالي بثبوت الوجوب أو الحرمة ، واحتمال الوجوب والحرمة ، فانّه بقطع النظر عن العلم
__________________
(١) اعتقد انّ عبارة الشيخ العراقي في نهاية الافكار ج ٣ ص ٢٣٩ أخصر وأوضح ، حيث قال : « لا مجال لجريان ادلّة البراءة ... من جهة اختصاص جريانها بما إذا لم يكن هناك ما يقتضي الترخيص في الفعل أو الترك بمناط آخر من اضطرار ونحوه غير مناط عدم البيان ... وإن شئت قلت إنّ الترخيص الظاهري بمناط عدم البيان إنّما هو في ظرف سقوط العلم الاجمالي عن التأثير ، والمسقط له حينما كان هو حكم العقل بمناط الاضطرار فلا يبقى مجال لجريان أدلّة البراءة العقلية والشرعية نظرا إلى حصول الترخيص حينئذ في الرتبة السابقة ».
ثمّ أنّ ما نسبه السيد الشهيد إلى الشيخ العراقي من اختصاص اعتراضه بالبراءة العقلية لم نعرف وجهه بعد تصريح الشيخ العراقي في العبارة المذكورة بقوله فلا مجال لجريان أدلّة البراءة العقلية والشرعية