وفي مقابل هذا قد يقال بأنّ العلم الاجمالي السابق ليس منجّزا لأنّ الركن الرابع من أركان منجّزيّة العلم الاجمالي ـ على ما مر ص ١١٠ من الحلقة ـ يقول إنّ العلم الاجمالي لا يكون منجّزا إلاّ إذا كان جريان الاصول في الأطراف موجبا للترخيص في المخالفة القطعيّة (١) ، وواضح أنّ الركن المذكور غير متوفر لأنّ جريان الاصول لا يثبت جواز المخالفة القطعيّة ، إذ المكلّف امّا أن يأتي بالسورة ، وفي ذلك احتمال الموافقة واحتمال المخالفة ـ ولا يحصل القطع بالمخالفة ، أو يتركها ، وفي ذلك أيضا احتمال الموافقة والمخالفة ولا يقطع بالمخالفة.
فإن قيل : إن جريان الاصول في الأطراف يلزم منه المخالفة القطعيّة ، فإنّ المكلّف إذا ترك الصلاة ولم يأت بها أصلا تحقّقت بذلك المخالفة القطعيّة.
قلنا : صحيح انّه بترك الصلاة رأسا تتحقّق المخالفة القطعيّة ، ولكن مثل هذه المخالفة القطعيّة لم تنشأ من جريان الاصول في الأطراف ـ فإنّ أقصى ما ينشأ من جريان الاصول في الأطراف الترخيص في فعل السورة وفي تركها ، ولا ينشأ منه جواز ترك الصلاة رأسا ـ بل ذاك ناشىء من ترك الاجزاء معلومة الوجوب.
أجل يمكن أن يكون جريان الاصول في الأطراف في مقامنا موجبا للترخيص في المخالفة القطعيّة فيما إذا كان الجزء المشكوك ممّا يعتبر فيه قصد القربة على تقدير جزئيته كما هو الحال في السورة ، فإنّه على تقدير وجوب الاتيان بها
__________________
(١) هذا بناء على صيغة الميرزا للركن الرابع. وأمّا على صيغة السيّد الخوئي القائلة بأنّ شرط منجّزيّة العلم الاجمالي أن يكون جريان الاصول موجبا لترخيص الشارع في المخالفة وإن لم تلزم المخالفة القطعيّة بالفعل ، فالركن الرابع متوفر لأنّه بجريان أصل البراءة في الطرفين يقطع بترخيص الشارع في المخالفة وإن لم تلزم المخالفة القطعيّة بالفعل