وأن يكون موضوعها هو عدم الوصول لا عدم الصدور لأنّ موضوع الحكم الظاهري هو الشكّ وعدم العلم ، فلو كان معنى الورود هو الوصول تصير الإباحة إباحة ظاهرية ؛ إذ يصير معنى الحديث : شرب التتن مثلا مباح إذا لم يصل ـ أي لم يعلم ـ نهي عنه ، والإباحة على هذا ظاهرية لأنّ موضوعها هو عدم الوصول أي عدم العلم بالنهي ، ومن الواضح متى ما كان موضوع الإباحة عدم العلم تصير ظاهرية. وأمّا لو كان معنى الورود هو الصدور تصير الإباحة إباحة واقعية ؛ إذ يصير معنى الحديث : انّ التتن مباح ما دام لم يصدر نهي عنه ، وواضح أنّه إذا أردنا أن نجزم بإباحة التتن فلا بدّ من الجزم بعدم صدور النهي عنه ، ونحن نعلم أنّه لو جزمنا بعدم صدور النهي فلا يبقى لدينا شكّ حتّى تكون الإباحة الثابتة إباحة ظاهرية ، فإنّ كون الحكم ظاهريا يتوقّف على وجود الشكّ ومع الجزم بعدم صدور النهي لا يبقى شكّ لتكون الإباحة ظاهرية (١).
ولربّ قائل يقول : لماذا قلتم إنّ الإباحة المنظورة للحديث هي الإباحة الظاهرية حتّى يترتّب على ذلك تفسير الورود بالوصول ولم تقولوا هي الإباحة الواقعيّة حتّى يترتّب على ذلك تفسير الورود بالصدور.
والجواب : إنّ الإباحة الناظر لها الحديث لو كانت هي الواقعية فنسأل هل
__________________
(١) لا يقال : لو فسّرنا الورود بمعنى الوصول يلزم نفس ما ذكر أيضا.
فإنّه يقال : كلا ، لا يلزم ذلك فإنّه وإن كان من اللازم ـ بناء على تفسير الورود بالوصول ـ إحراز عدم الوصول ولكن حيث أنّ الوصول معناه العلم فإحراز عدم الوصول يصير معناه إحراز عدم العلم ، وإحراز عدم العلم معناه إحراز الشكّ الذي هو موضوع الحكم الظاهري ، وهو محرز بالوجدان