ثمّ إنّ الدليل الحاكم له شكلان فتارة يكون ناظرا إلى الموضوع في الدليل المحكوم ـ مثل دليل لا ربا بين الوالد وولده فإنّه ناظر إلى دليل الربا حرام ويريد أن يقول إنّ الموضوع في هذا الدليل وهو الربا لا يتحقّق ما دام أخذ الزيادة متحقّقا بين الوالد والولد ـ واخرى يكون ناظرا إلى المحمول في الدليل المحكوم (١) مثل دليل لا ضرر فإنّ هذا الدليل ينفي كل حكم ينشأ منه الضرر ، فوجوب الوضوء إذا كان مستلزما للضرر فهو منفي بمقتضى هذا الحديث ، وواضح إنّ الوجوب حكم ومحمول على الوضوء وليس موضوعا ، فدليل لا ضرر ناظر إلى المحمول في دليل الوضوء واجب ، أي هو ناظر إلى الوجوب لينفيه حالة الضرر.
وبعد اتّضاح هذه المقدّمة نعود إلى المرحلة الاولى لنمنهجها ضمن نقاط ستّ :
١ ـ كيف قال الحديث رفع الخطأ والنسيان وما اكرهوا عليه و ... الحال إنّا نجد وقوع الخطأ والنسيان ونحوهما كثيرا ، ومع هذه الكثرة في الوقوع خارجا كيف يصحّ للحديث نفي ذلك؟ وفي الجواب نذكر ثلاثة احتمالات :
أ ـ ان نقدّر لفظا كلفظ المؤاخذة ونقول المقصود : رفعت المؤاخذة حالة الخطأ ورفعت المؤاخذة حالة النسيان وهكذا في البقية.
ب ـ أن نقول إنّ المقصود رفع هذه الامور التسعة ولكن لا وجودها الخارجي ليقال أنّ تحقّقها في الخارج كثير فكيف يرفع بل المقصود رفع وجودها في عالم التشريع ، فكأنّ الحديث يريد أن يقول انّ الخطأ مرفوع في عالم التشريع بمعنى أنّ الخطأ لم يقع في عالم التشريع موضوعا أو متعلّقا (٢) لحكم ، فمن شرب
__________________
(١) ويعبّر عن المحمول بالحكم أيضا ، فالحكم والمحمول لفظان يقصد بهما شيء واحد
(٢) الموضوع والمتعلّق مصطلحان اصوليان ، فيراد بالمتعلّق ما تعلّق به الحكم بحيث يلزم إيجاده ـ