وامّا الاهتمام في هذه الأخبار بطرح الأخبار المخالفة [ فهو ] لتنبيه الأصحاب على وجود الأخبار الكاذبة المدسوس بها في الاصول ليهذّبونها ويحفظونها أن تنالها يد المخالفين بعد ذلك.
وأمّا توهّم : كون المخالفة في هذه الأخبار هو مطلق المخالفة ـ لعدم صدور المخالفة على نحو التباين الكلي من الكذّابين ـ كي صاروا عليهمالسلام بصدد التنبيه عليه ، مدفوع :
بأنّ عامة الناس في أزمنة صدور الأخبار ليس لهم مزيد معرفة بحالهم كي لا يقبلوا كلّ ما ينسبوه إليهم من الأخبار المكذوبة ؛ ومن المعلوم انّ غرض المخالفين صرف وجوه الناس عنهم عليهمالسلام وهو لا يحصل إلاّ باسناد الأخبار المخالفة على وجه التباين ، فصاروا عليهمالسلام بصدد تنبيه الأصحاب على وجود مثل هذه الأخبار في الاصول صونا لهم بقبول مثلها.
والحاصل : انّ هذه الأخبار لا تدل على النهي عن الاخذ بالأزيد من الأخبار المتباينة بنحو التباين الكلي ؛ وبعد اخراج هذه الطائفة يكون التمسك بالباقي تمسكا باخبار الآحاد.
وان أبيت إلاّ عن التواتر الاجمالي بعد هذه الطائفة أيضا فنقول :
أخص الطوائف مضمونا هو الأخبار الناهية عمّا لا يوافق الكتاب والسنّة المعلومة ، وظاهر القضية السالبة عرفا هو السالبة بانتفاء المحمول ، فيحمل غير الموافق على المخالف ، خصوصا بقرينة تقابل المخالفة مع الموافقة في رواية محمد بن مسلم (١) وصحيحة هشام بن الحكم (٢) ، فتكون هذه الطائفة مشتركة مع
__________________
(١) « يا محمد ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به ، وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به ». مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٤ الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ( باب وجوب الجمع بين الاحاديث المختلفة ) الحديث ٢١٤١٦ / ٥ ؛ بحار الانوار ٢ : ٢٤٤ الباب ٢٩ علل اختلاف الاخبار ... الخ الحديث ٥٠.
(٢) « لا تقبلوا علينا الاّ ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فانّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب اصحاب أبي احاديث لم يحدّث بها ، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد (ص) فانّا اذا حدثنا قلنا : قال الله وقال رسول الله (ص) ». بحار الانوار ٢ : ٢٥٠ الباب ٢٩ علل اختلاف الاخبار ... الخ الحديث ٦٢ و ٤٩ ؛ اختيار معرفة الرجال ( رجال الكشي ) ٢ : ٤٨٩ الحديث ٤٠١ في المغيرة بن سعيد.