عليهن بمقتضى قوله تعالى : ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ ) (١) قضية للزوم اللغوية بدونه.
الثالث : انّ الحذر جعل غاية للانذار الواجب ، وغاية الواجب بمنزلة ذي المقدمة لا يكون إلاّ واجبا عقلا ؛ ثم لو سلمنا عدم الملازمة العقلية فالملازمة العرفية متحققة.
وأمّا الجواب عن الأول : فبأنّ محبوبية الحذر وحسنه :
لو كان للتحذر عن العقاب ولو لاحتماله فهو كما ذكره في المعالم (٢) من انّه مع قيام المقتضي له يجب وبدونه لا معنى له ، بل لا يمكن كما عرفت.
وأمّا لو كان لرجاء إدراك المصالح الواقعية الملزمة في الشبهات الوجوبية والتحذر عن الوقوع في المفاسد الواقعية في الشبهات التحريمية ـ على ما عليه العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد الكامنتين في الأفعال ـ فلا ملازمة بين حسنه العقلي ووجوبه الشرعي كما فيما لم تتم الحجة على التكليف أصلا كما في الشبهات البدوية ، فانّه لا شبهة في حسن الاحتياط فيها مع عدم وجوب التحذر قطعا ؛ وأمّا الملازمة الشرعية فلم يثبت بين مثل هذا الحسن في خبر الواحد ووجوب القبول ، وانّما المسلّم منها فيما إذا كان الحسن مستتبعا للحكم الشرعي ، لا مطلقا.
وأمّا عن الثاني : فبأنّ لزوم لغوية ايجاب الانذار عند عدم وجوب القبول تعبدا مسلّم لو لم يكن له فائدة اخرى ، وهي هاهنا موجودة وهو افشاء الحقّ واظهاره كي يحصل العلم للمتخلفين أو النافرين على اختلاف التفاسير من جهة كثرة النافرين ، أو المتخلفين ، أو الانذارات ، فيتمّ به الحجة عليهم ليهلك من هلك
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٨.
(٢) معالم الدين : ١٩٠.