وإذا كان كذلك فحجية مثل هذه السيرة الممضاة بعد ذلك لا يحتاج إلى عدم ردع عنها واقعا بل يكفي في العمل بها عدم قيام حجة صالحة للردع عنها وان استكشف منه ذلك بالإن وإذا لم يقم ذلك فيصلح لتقييد المطلقات الناهية لخصوصيتها في الخبر.
إذا عرفت [ ذلك ] : تعلم انّ السيرة في المقام صالحة للتقييد بمجرد عدم ثبوت ردع عنها في مقام الاثبات بلا توقف على شيء آخر. وأمّا حجية الاطلاقات في قبالها يتوقف على عدم حجية السيرة وإلاّ فيقدم عليها وعدم حجيتها يتوقف على الردع عنها وحيث انّه لا رادع [ آخر ] (١) غير الاطلاقات فلو ثبت الردع بها للزم الدور. نعم كانت حجة مطلقا ولو لم يثبت الردع عن السيرة لكان لها وجه إلاّ انّه خلاف الواقع وامّا معه فلا يكون حجة إلاّ على وجه دائر كما عرفت ، وإذا لم يكن حجة فيثبت ما تتوقف عليه حجية السيرة من عدم حجّة قائمة على الردع فيقيد بها الاطلاقات.
وتوهّم الدور في العكس : بأنّ حجية السيرة تتوقف على عدم حجية الاطلاق واثباته بها مستلزم للدور ، مدفوع :
بأنّ ثبوت التقييد بها يكفي فيه عدم اثبات حجة على خلافها وعرفت عدم كون الاطلاق حجة قائمة إلاّ على وجه دائر فيحصل ما يتوقف عليه السيرة دون الاطلاق ولو عند ملاحظتهما معا وتعارضهما. نعم لو كانت حجية السيرة متوقفة على عدم الردع عنها واقعا فيشكل العمل بها مع مثل هذا الاطلاق الاّ انه غير صحيح.
الرابع : دليل العقل ، وهو من وجوه : يختص بعضها باثبات حجية الخبر
__________________
(١) في الاصل المخطوط ( اخرى ).