وفيه : على تقدير تحصيل الاتفاق في المسألة ، انّه ليست المسألة ممّا يتطرق فيه التعبد حيث انّ الكلام فيها في تنجّز التكليف المعلوم بالاجمال وعدمه ، ومن المعلوم انّ مرجع التنجّز وعدمه إلى رفع المعذورية عند العقل وعدمه وهو حكم عقلي صرف ليس للتعبد فيه بمجال ، وعلى تقدير التطرق فلا يستكشف تعبّد عن المعصوم فيه بمجرد الاتّفاق لاحتمال استناده إلى طريق العقل.
الثاني : في انّ الرجوع في جميع الوقائع المشتبهة إلى البراءة مستلزم للمخالفة القطعية الكثيرة المعبّر عنها في لسان جمع من المشايخ بالخروج عن الدين بمعنى انّ المقتصر على التديّن بالمعلومات وترك العمل بغيرها ـ مع كثرتها وقلة المعلومات ـ يعدّ خارجا عن الدين وتاركا لشريعة سيد المرسلين ، وهذا أمر يقطع ببطلانه كلّ أحد بعد الالتفات إلى كثرة المجهولات كما لو فرض العياذ بالله انسداد باب العلم بجميع الأحكام فانّه لا ريب لأحد بطلان البراءة في الجميع وكذا الكثير الملحق به في الحكم.
ويشهد لذلك ملاحظة كلمات الأعلام في هذا المقام من المجوزين لخبر الواحد مثل الشيخ (١) وغيره (٢) والمنكرين له مثل السيد (٣) وأتباعه (٤) فانّه يظهر
__________________
(١) العدة ١ : ١٢٦.
(٢) وسائل الشيعة ١٨ : ٥٢ ـ ٧٥ الباب ٨ من ابواب صفات القاضي ، باب العمل باخبار النبي (ص) والائمة (ع) المنقولة في الكتب المعتمدة وروايتها وصحتها وثبوتها ؛ يشتمل على ٨٨ حديثا. الحدائق الناضرة ١ : ٢٥ ـ ٢٦. هداية الابرار : ١٦ ـ ١٧. مناهج الاحكام : ١٦٧ السطر ١٨ « المشهور بين اصحابنا اصالة حجية أخبار الآحاد ». المعتبر في شرح المختصر ١ : ٢٩ ـ ٣٠. مفاتيح الاصول : ٣٥٧ « القول في شرائط العمل بخبر الواحد ».
(٣) الذريعة الى اصول الشريعة ٢ : ٥٢٨ « فصل في اثبات التعبد بخبر الواحد أو نفي ذلك ». رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣٠٩ المسألة ٤٨ في ابطال العمل باخبار الآحاد. و ١ : ٢٤ ـ ٢٥ ؛ و ١ : ٢١٠ ـ ٢١١.
(٤) غنية النزوع ١ : ٣٥٤ و ٣٥٦. مجمع البيان ٩ : ١٣٣ في تفسير الآية ٦ من سورة الحجرات « ان جاءكم فاسق بنبإ ». السرائر ١ : ٥١. الوافية : ١٥٨. وكذلك حكاه معالم الدين : ١٨٩ عن ابن البراج.