تجري البراءة العقلية من قبح العقاب بلا بيان حينئذ لكون المراد من البيان هو الدلالة على النحو المتعارف وهو إنّما يحصل بعد الفحص لا قبله ، ولا النقلية لانصراف أدلتها بما بعد الفحص.
والثاني : احتمال التكليف المحرز اهتمام الشارع وتعلق غرضه فيه بتحقق المكلف به من المكلفين في الخارج ولو حال عدم العلم بالتكليف فيلزم عند العقل حينئذ الاحتياط في أطراف الاحتمال ولو لم يكن علم به فيها ولو كانت الشبهة حينئذ موضوعية مع انّ البراءة فيها مسلّمة وذلك كما في مسألة الاعراض وحفظ الفروج والدماء ونحوها ، ومسألة الزكاة بناء على وجوب المحاسبة عند الشك في بلوغ النصاب.
ومن الموارد ما نحن فيه فانّ معظم الفقه إذا انسدّ فيه باب العلم بالنسبة إلى نوع المكلفين ممّا يعلم بتعلق غرض الشارع بعدم ترك الامتثال فيه في صورة الجهل بالتكليف بحيث لم يحتط في محتملاتها أصلا لأنّه وان ارتفع العلم الاجمالي بها بالترخيص في طرف الموهومات إلاّ أنّ المعظم بعد اختلاف المكلفين في الظن والشك والوهم من حيث المتعلق وتبدّل البعض بحسب حالاته فيها ممّا يعلم بعدم وقوع الخطأ فيه منهم جميعا ، وحينئذ يحكم العقل من جهة عدم لزوم نقض الغرض بالاحتياط في غير ما رخّص فيه عقلا ونقلا.
نعم يصح الكلام في انّه هل يكفي بعد احراز هذا الاهتمام من الشارع التفويض في مقام الامتثال إلى حكم العقل كما في صورة عدم انحلال العلم الاجمالي أو لا بدّ من ايجابه الاحتياط ولو باستكشاف من العقل.
والتحقيق هو الثاني ، حيث انّه بعد الجهل بالتكاليف وانحلال العلم الاجمالي بالترخيص لم يكن عند العقل بيان بالنسبة إليها فيكون موضوع حكمه بقبح العقاب بدونه محققا. ومجرد الاهتمام مع عدم علم كلّ واحد من المكلفين بكون التكليف