المشكوكات.
ولكنه لا يخفى انّ الظن بحجية الاصول في المشكوكات الحاصل من الاجماع المنقول على عدم وجوب الاحتياط فيها يوجب صيرورتها بين مظنونات الحكم الفعلي في موارد الاصول المثبتة ومظنونات نفي الحكم الفعلي في موارد الاصول النافية. وحيث انّ مختاره قدسسره عدم الفرق بين الظن بالواقع والظن بالطريق (١) ـ كما سيجيء ـ فيدخل القسم الاول في المظنونات [ سواء ] قلنا بوجوب العلم فيها من جهة التبعيض أو من جهة الحجية ؛ ويدخل القسم الثاني في الموهومات فتكون محكومة بحكمها أيضا بل ربما يكون الظن بنفي التكليف الفعلي فيها أقوى من الظن بنفيه في موهومات الواقع إذا كان الظن بحجية الاصول النافية قويّا من جهة بعض الخصوصيات الطارئة في الموارد لا لمجرد الاجماع المذكور كي يرد بقيامه في الموهومات أيضا فيكون الظن بالنفي فيها أقوى لانضمام الظن بنفي الواقع فيها إلى الظن المذكور الموجب لقوته.
إذا عرفت ذلك فظهر ما في ابتنائه قدسسره (٢) حجية الظن بالواقع على حجية الظن بحجية الاصول في المشكوكات وانّه لا يكون إلاّ على وجه دائر ، حيث انّ الابتناء إنّما يصحّ إذا كان بينهما فرق في ما يهمّ العقل من تحصيل الأمن من العقوبة ، فلمّا لم يكن فرق بينهما فيتحدان في الحكم ، قلنا بالحجية أم لا ، بلا توهّم دور بينهما ، كما لا يخفى.
ومنه ظهر عدم كلية كيفية التبعيض بناء عليه على النحو المذكور في كلامه قدسسره (٣) من ترك الاحتياط في الموهومات مقدما على تركه في المشكوكات
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٢٣ ـ ٤٢٤ و ٤٢٧ و ٤٣٧ و ٤٤٧.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٣٧٨ في الهامش ؛ والعبارة من الشيخ قدسسره.
(٣) فرائد الاصول ١ : ٤٢١ و ٤٢٢ ـ ٤٢٣.