لما عرفت من دخول موارد الاصول النافية فيها من جهة الاجماع المنقول في الموهومات ، وربما يكون الظن بحجيتها فيها أقوى من الظن بنفي التكليف فيها فتكون أولى لترك الاحتياط فيها ، وربما يكون بالعكس لكون الظن بالنفي في الموهومات من جهتين في موارد الاصول النافية. فيها وكذا يختلف الحال في الاصول المثبتة في الطائفتين أيضا بل من جهة الاشخاص والأحوال.
ثم انّه قدسسره قد فرّع (١) على التبعيض ما حاصله : انّه بناء عليه لا يكون الظن حجة ناهضة لتخصيص عمومات الكتاب والسنّة وتقييد ظواهر ما كان حجة منهما من باب الظن الخاص.
وفيه : انّ ذلك لا ينحصر بالتبعيض بل هو كذلك ولو قلنا بحجية الظن حكومة أو كشفا ، حيث انّ حكم العقل أو كشفه بمقدمات الانسداد عن حجية الظن إنّما هو فيما لم يكن حجة معتبرة بالخصوص من ظاهر آية أو خبر معتبر ومعها لا يكاد يكشف أو يحكم بحجيته العقل.
ومن هنا ظهر : انّه لو خرج ظاهر عن الحجية من جهة العلم الاجمالي بالتخصيص أو التقييد لا يصير حجة بواسطة الظن المطلق بالمخصص أو المقيد ولا يخرج عمّا هو عليه من الاجمال بواسطة الظن وإلاّ لخرج الظن عن الحجية فيلزم من حجيتها عدمه.
هذا كله في إبطال البراءة والاحتياط الكليين.
وأمّا الاصول الجارية في كل واقعة بنفسها مع قطع النظر عن ملاحظة الموارد الأخر بأن يلاحظ نفس الواقعة فان كان فيها حكم سابق يحتمل بقاؤه استصحب وإلاّ فان كان الشك في أصل التكليف فتجري البراءة وان كان الشك في المكلف به
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٢٧.