ومن الواضح انّه من حيث وجوب الاتّباع ـ وكونه سببا تاما لتنجز ما تعلق به بنظر القاطع ـ مثل قطع المصيب بلا تفاوت ؛ ولكنه لمّا أخطأ ولم يكن الحكم المتعلق به واقعا ، ولا استحقاق اللازم بمخالفته عند وجوده ، يقع الكلام في ايراثه وسببيته بنفسه لحدوث شيء في الموضوع الذي قطع بحكمه ، بحيث يكون عنوان المقطوع تمام الموضوع بالنسبة اليه.
وليعلم انّ المسألة :
تقرر تارة : كلامية ، فيبحث عن كون القطع علة تامة لاستحقاق العقاب على الفعل بعنوان انّه مقطوع الحرمة ، وعليه فهو بالعلية التامة لا بالاقتضاء ، كي يقبل طرو المانع ـ كما هو ظاهر الفصول (١) في قبح التجري ـ إلاّ على توهم عدم كون العلم علة تامة لوجوب الاتّباع عقلا فلا بأس بالذهاب اليه حينئذ ؛ إلاّ أنك عرفت خلافه.
كما انّه لو قلنا باستحقاق العقوبة على المخالفة فلا بد من استحقاق المثوبة على الموافقة ، لكونهما توأمين يرتضعان من ثدي واحد معلولين للمعصية والاطاعة والتجري والانقياد على القول بهما فيهما أيضا. فالفرق بالاستحقاق في طرف المثوبة (٢) دون العقوبة (٣) ـ كما عن الشيخ قدسسره ـ لا وجه له ؛ إلاّ أن يرجع الى العفو في طرف العقوبة تفضلا ، وهو خارج عن محل الكلام.
واخرى تقرر : اصولية عقلية ، بأنّ القطع بوجوب شيء ما وحرمته هل يوجب حسنه أو قبحه عقلا ، كي تحصل صغرى الملازمة فيستنبط منها الوجوب والحرمة الشرعيان ، أم لا يوجب شيئا منهما أصلا؟
وثالثة تقرر : فقهية ، بأنّ الفعل المقطوع الحرمة أو الوجوب هل يصير حراما
__________________
(١) الفصول الغروية ، الفصل الاخير من الاجتهاد والتقليد : ٤٣١ السطر ٣٦ ـ ٣٧.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ١٠٧.
(٣) فرائد الاصول ١ : ٣٩ و ٤١ و ٤٥.