قلت : انّ ما ذكرنا من عدم جعل الحكم المولوي إنّما هو فيما إذا رجع الجعل إلى نفس الحكم العقلي وهو وجوب الاطاعة الظنية مع بقاء موضوعه وهو عدم التمكن من العلم والعلمي حيث انّه مع بقاء التكليف وعدم التمكن منهما يستقل العقل بوجوب الاطاعة الظنية لا فيما إذا رجع الجعل إلى الموضوع بأن ينقلب ويصير معه الاطاعة علميا وإلاّ فهو بمكان من الامكان ويصير الامتثال بمجرد جعل الشرع الطرق علميا ويكون الحكم بوجوب الاطاعة العلمية أيضا عقليا لا شرعيا إلاّ ارشاديا.
إذا عرفت ما ذكرنا ما هو التحقيق من التقريرين فاعلم : انّهما يختلفان من حيث التعيين والاهمال موردا ومرتبة وسببا ، ومن حيث التعيين أيضا عموما وخصوصا.
بيانه : انّ النتيجة بناء على الحكومة سواء كان من جهة حكم العقل بحجية الظن أو من جهة حكمه باختيار العمل بالظن من باب التبعيض لا بدّ من كونها معيّنة ولا يكاد أن تكون مهملة لعدم الاهمال في حكم العقل لكون موضوعه وما هو ملاك حكمه معيّنا.
إلاّ انّه تختلف الجهات الثلاثة المذكورة بناء عليها عموما وخصوصا.
امّا من حيث الموارد فقد قيل : ـ كما في الفرائد (١) ـ بالعموم ، لاستقلال العقل بعدم الفرق في باب الاطاعة والمعصية بين واجبات الفروع من أول الفقه إلى آخره ولا بين محرماتها.
لكنه : يمكن الفرق بعد بطلان الاحتياط الكلي والرجوع إلى الاصول في جميع الموارد بين المسائل بالاطاعة في بعضها بالاحتياط الشخصي ، وفي بعضها
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٦٧.