ومن هنا ظهر انّ ما أورده الشيخ قدسسره في الفرائد (١) على هذا المرجح من أنّ كون الأقوى متيقنا إنّما هو بناء على الحكومة وأمّا على الكشف فلا لاحتمال كون المجعول حجة هو غيره ، إنّما يصح بناء على عدم لزوم وصول الحجة المجعولة بنفسها وأمّا بناء عليه فلا اشكال في كونه مرجحا كما عرفت. نعم لا بدّ من الاقتصار على الأقوى فالأقوى حتى ينتهي إلى قدر الكفاية ؛ وحيث انّ في كل مسألة لا بد من التجسس إلى أن يتحقق ظن لا يوجد فوقه آخر في تلك المسألة لا في مسألة اخرى فلا يشكل الاقتصار على الأقوى كما في الفرائد (٢) بعسر الانضباط.
الثالث : أن يكون بعض الظنون مظنون الحجية دون غيره وحينئذ :
فان قلنا : بعدم لزوم وصول الحجة المجعولة أصلا لا بنفسها ولا بطريقها بلا اشكال في عدم كون الظن بالاعتبار مرجّحا لاحتمال كون المجعول واقعا غيره والفرض عدم لزوم الوصول فلا بدّ من الاحتياط أولا ثم التنزل إلى حكومة العقل ثانيا.
وان قلنا : بكون الحجة واصلة ولو بطريقها فلا بدّ من اجراء مقدمات انسداد اخرى لاثبات حجية الظن بالاعتبار مرة أو مرارا حتى ينتهي إلى ظن واحد بالاعتبار أو ظنون متعددة متساوية أو مختلفة غير كافية بمعظم الفقه إلاّ المجموع من حيث المجموع ، وأمّا ان كانت مختلفة وكان كل منها كافيا بالفقه فلا بد من اجرائها أيضا كما عرفت.
وأمّا بناء على لزوم وصول الحجة بنفسها لا بطريقها ففي كون الظن بالاعتبار مرجحا للقضية المهملة وعدمه وجهان.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٤٧٥.