أحدهما : انّه لا بد في اتصاف الفعل بالوجه المقبح والمحسن بنظر العقل من اتيانه بقصد ذاك الوجه مع كون الفعل مما يمكن أن يتصف به بالقصد ؛ وإلاّ فمع عدم الالتفات الى الوجه أو عدم اتيان الفعل بقصده أو عدم قابليته للاتصاف به أو مع عدم كون ذاك الوجه من المقتضيات للحسن والقبح عقلا ، فلا يكون ذلك بمعنى الوجوه المقبحة والمحسنة بنظره.
الثاني : انّه لا موطن للحسن والقبح إلاّ الوجدان ولا حاكم لهما إلاّ العقل ، فمع عدم حكم العقل وخلوّ الوجدان عنهما يستكشف عدم تحققهما واقعا ، بل ولا امكانهما بلا مئونة برهان ، وإلاّ لتسلسل ، للزوم الانتهاء في البرهانيات الى الوجدان.
اذا عرفت ذلك يظهر لك انّ القطع الطريقي الصرف المتعلق بالحكم الشرعي لا يكون من تلك الوجوه ، لا بنفسه ، لعدم الالتفات اليه حين الفعل ، لكونه مرآة لما يتعلق به حين ينظر به اليه فيكون بطبعه ومتلونا بلونه بلا إحداثه لونا من قبل نفسه.
مع انّه على تقدير الالتفات لا يكون عنوانه محسنا أيضا :
لا بنفسه ، لعدم اتيان الفعل بقصده.
ولا ما تعلق به ، لعدم كونه مما يحصل بالقصد ، لكونه من العناوين الواقعية الخارجية كالخمر اذا تعلق به القطع ، أو من العناوين التي لا بد لها من منشأ انتزاع واقعي لها كالحكم الشرعي.
ولا يقاس بالعناوين المتقومة بالقصد التي يتصف الفعل الخالي منها بها اذا أتى به بقصدها ، كعنوان التعظيم اذا نهض الجالس بقصده ، هذا.
مع كون القطع بالحرمة مثلا من الموجبات للقبح الفعلي عقلا ما لم يتصف بقبح في ذاته ، ولا القطع بالمبغوضية موجبا لصيرورته مبغوضا اذا لم يكن الفعل كذلك بنفسه ، خصوصا اذا كان محبوبا بنفسه (١) كما يظهر بالمراجعة الى الوجدان.
فاذا كان كذلك ، فيحكم بعدم امكان كون القطع بالحرمة موجبا لقبح الفعل ،
__________________
(١) محبوبا في نفسه. نسخة