والثانية : في انّ بعض ما لا حكم فيه للعقل هل كان للشرع فيها حكم بوجوب المعرفة أم لا؟ وانّ غير العارف باليقين فيها وان كان ظانّا هل كان موضوعا لبعض الأحكام الشرعية وضعية كانت أو تكليفية من النجاسة وعدم التوارث من المسلم والمناكحة ووجوب قتله وسائر آثار الكفر أم لا؟ ومن المعلوم انّ البحث عن هذه الجهة كان داخلا في المسائل الفقهية نظير البحث عن وجوب بعض الأعمال وعدمه ، ولكن البحث عنها في الاصول كان من باب الاستطراد.
إذا عرفت ذلك فنقول : انّه لا بد من التكلم في الاعتقاديات في امور :
الأول : انّ ما يجب معرفته والالتزام به على ثلاثة أقسام :
منها : ما يستقل العقل بلزوم معرفته ووجوب الالتزام به امّا من باب استقلاله بقبح تركه في نفسه ، أو من باب خوف الضرر عليه وهذا كمعرفة المنعم تعالى بذاته المستجمعة لجميع الصفات الوجوبية الكمالية ومنها العدل واختصاصه من بين الصفات لمزيد الاهتمام به والمنزهة عن النقائص الامكانية ومعرفة نبيّة بشخصه ونسبه ومعرفة الامام كذلك على وجه صحيح مقرر في علم الكلام.
وثانيها : ما يجب معرفته والالتزام به لكونه ممّا جاء به النبي صلىاللهعليهوآله وأخبر به ، والعقل يحكم بوجوب معرفة ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله بحيث لو لا هذه الجهة لما كان لهذا القسم خصوصية من بين سائر الأشياء يحكم العقل بوجوب معرفته من بينها ، وهذا القسم في الحقيقة من رشحات القسم الأول حيث انّ معرفة النبي صلىاللهعليهوآله والتصديق بنبوّته المطلقة التي كانت بمعنى عند الخاصة وهو : أن يكون النبي صلىاللهعليهوآله معصوما عن الزلل والخطأ والنسيان ومنزها عن المعصية وارتكاب القبيح كانت مستلزمة للتصديق بما جاء به وأخبر به وإلاّ لما حصل التصديق بنبوته بالمعنى المذكور ، وان أبيت عن ارجاعه إليه على وجه غير صحيح كما عند العامة فلا دليل