انّ ما كان معرفته واجبة عقلا كما في الواجب تعالى والنبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام على وجه صحيح فمع التمكن من تحصيل العلم به فلا اشكال في انّ العقل كما يستقل بلزوم المعرفة دفعا للضرر المخوف ، كذلك يستقل بلزوم المعرفة القطعية لاحتمال الضرر بدونها أيضا فيحكم بايجابها وانّه لا تكفي المعرفة الظنية ؛ وأمّا مع العجز وعدم التمكن من تحصيل العلم فبالنسبة إلى موضوعه فالظاهر انّه لا اشكال في تحققه بالنسبة إلى القاصرين الغافلين ، ومن الواضح انّه ليس الأمر في الاعتقاديات بواضح كي يكشف الخطأ عن التقصير فيها.
وأمّا قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١) وقوله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ ) (٢) وقوله تعالى : ( فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) (٣) فلا دلالة لها على عدم تحقق موضوع العاجز.
أمّا الآية الاولى : فالجواب عنها : انّ العاجز عاجز عن المجاهدة كما في صورة الغفلة المحضة.
وأمّا عن الثانية : فبأنّ المراد بيان الغرض من خلق نوعي الجن والانس وانّه لتكتمل النفوس بمعرفة [ باريها ] (٤) فلا ينافي عجز بعض الاشخاص ، وإلاّ لزم عدم وجود المجنون.
وأمّا عن الثالثة : فبأنّ المراد انّ آيات المعرفة موجودة في الأنفس كما كانت موجودة في الآفاق كما في قوله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٦٩.
(٢) سورة الذاريات : ٥٦.
(٣) سورة الروم : ٣٠.
(٤) في الاصل المخطوط ( باريهم ).