التكليف ليس ما هو المتعارف في الاصطلاح من الحكم مطلقا انشائيا كان أو منجزا بل المراد معناه اللغوي وهو : ايقاع الانسان في مشقة ما تعلق به ، وحيث انّ الحكم المراد في الآية ليس هو المنجز بل الانشائي منه فليس مرادفا لمصدر التكليف اللغوي كي يكون تعلقه به تعلق المفعول المطلق بل المراد انّه لا يكلف نفسا شيئا أعم من الحكم والفعل إلاّ ما آتاها منهما بمعنى انّه لا يوقعها في مشقة شيء من الفعل بأن يأمره ويلزم به ومن الحكم بأن ينجزه ويصيّره في حقه فعليا إلاّ ما آتاها منهما بنحو الكناية عن الاقدار والاعلام لا بنحو الاستعمال فيهما كي يلزم استعمال اللفظ بالنسبة إلى الايتاء في المعنيين.
نعم الأولى أن يجاب : بعدم ظهور الموصول في الآية في إرادة الجامع لو لم يكن ظاهرا في خصوص المال بقرينة المورد أو في مطلق الفعل الشامل للانفاق وغيره بقرينة وقوع الآية مساق الامتنان مع أولوية المعنى الكنائي اللازم له في الايتاء من تقدير المضاف في الموصول لو اريد منه المال ؛ وعلى أي حال فلا تكون الآية ظاهرة في إرادة الحكم فتخرج عن قابلية الاستدلال.
وأمّا رواية عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليهالسلام : « قال : قلت له : هل كلف الناس بالمعرفة؟ قال لا ؛ على الله البيان ، لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها ، لا يكلف الله نفسا إلاّ ما آتاها » (١) فلا ينفع في المطلوب حيث انّ عدم التكليف بالمعرفة المراد بها ظاهرا معرفة الله على التفصيل قبل البيان من جهة كونها فعلا غير مقدور بدونه وكون التكليف بدونه تكليفا بأمر غير مقدور لا من جهة كونه تكليفا بما لا يعلم حكمه وان كان مقدورا بنفسه كما في الشبهات الالزامية في المقام.
وممّا ذكرنا ظهر : حال التمسك بقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٣ باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ، الحديث ٥ باختلاف.