وفيه : مضافا إلى كونه جدلا خارجا عن طريقة البرهان فلا يثبت به المدّعى ، ان استدلال الأخباريين بخبر التثليث ونحوه لا يدل على التزامه بالعذاب الفعلي في مورد الشبهة كي يلتزم بنفي الاستحقاق وعلى تقدير نفي الفعلية حيث انّ التوعيد على العقاب فيه نظير التوعيد على ايجاد العقوبات في فعل المحرّمات وترك الواجبات في كونه توعيدا على مجرد المقتضي مع احتمال العفو والشفاعة في حقه ؛ فظهر انّ الآية لا دلالة لها على المطلوب.
ومنها : قوله تعالى : ( وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) (١) أي ما يجتنبونه من الأفعال والتروك.
وقد أورد عليه :
تارة : بما أورد على الآية السابقة من كونها إخبارا عن حال الامم السابقة ، وقد عرفت ما فيه.
واخرى : بأنّه لا دلالة لتوقف الخذلان على البيان على توقف العقاب عليه إلاّ بالفحوى.
ولكن الظاهر : انّ الفحوى مسلّمة لو كان الخذلان عدم التوفيق على الطاعة ولو في معصية واحدة وأمّا لو كان بمعنى سدّ باب التوفيق بالطاعة والتأييد بالعبادة عليه وإيكاله إلى نفسه مطلقا المستتبع للخلود في النار كما هو الظاهر منه فليست مسلّمة أيضا كما هو واضح.
ومنها : قوله تعالى : ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) (٢) بناء على انّ المراد من الهلاك نتيجة فعل المحرمات وترك الواجبات وهو العقاب على مخالفتها ، والمراد من البينة إتمام الحجة عليها وإقامة البيان بالنسبة إليها.
__________________
(١) سورة التوبة : ١١٥.
(٢) سورة الانفال : ٤٢.