ولكن المحتمل ان تكون الآية واردة في قضية خاصة وهي غزوة بدر ويكون المراد من الهلاك والحياة هو القتل والحياة ، والمراد من البينة الآيات الباهرات والمعجزات الظاهرات في تلك الغزوة الدالة على حقّية النبي صلىاللهعليهوآله ؛ فحاصل المعنى : انّ حياة من كان في تلك الغزوة وقبلها كان مع مشاهدة المعجزات ، وليست كلمة المجاوزة دالة على السببية حتى يرد بعدم كون الموت والحياة ناشئة عن الآيات.
ومنها : قوله تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ) (١) الآية ، فأبطل تشريعهم بعدم وجدان ما حرّموه في جملة ما اوحي إليه صلىاللهعليهوآله من المحرّمات. وعدم وجدانه ذلك وان كان دليلا قطعيا على عدم الوجود إلاّ انّ في التعبير بعدم الوجدان دلالة على كفاية عدم الوجدان في ابطال الحكم بالحرمة.
وفيه تأمّل : لاحتمال كون النكتة في التعبير به هو تلقين النبي صلىاللهعليهوآله أن يجادلهم بالتي هي أحسن ، فانّ في التعبير بعدم الوجدان بالنسبة إلى التعبير بعدم الوجود من الأدب ما لا يخفى.
ومنها : قوله تعالى : ( وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ) (٢) فانّ في التوبيخ عن الالتزام بحرمة شيء مع خلو ما فصل من المحرمات عنه دلالة على المطلوب.
وقد اورد على الآية : بأنّ الظاهر من الموصول العموم ، فيكون المراد التوبيخ على الالتزام بحرمة ما لم يكن بين جميع المفصلات ، واللازم من خلو جميع المفصلات عنه العلم بعدم كون المتروك من المحرمات أصلا حيث انّ
__________________
(١) سورة الانعام : ١٤٥.
(٢) سورة الانعام : ١١٩.