قلت : التحقيق أن يراد من الموصول الحكم لا الموضوع لا مجتمعا لما ذكر في السؤال ولا وحده لترجيح إرادة ما لا يحتاج إلى التقدير مع كون اسناد الفعل إليه إلى ما هو له وهو الحكم بالنسبة إلى ما يحتاج إلى تقدير المؤاخذة مع كون اسناد الفعل إليه إلى غير ما هو له وهو الفعل في مقام الدوران فيقدم.
وأمّا لزوم خلاف السياق من إرادة الحكم مع سائر اخواته فلا بأس به بعد معلومية عدم مراعاته بين جميع الفقرات كما هو الواضح من ملاحظة صدر الحديث من رفع الخطأ والنسيان مع ذيله وهو رفع الطيرة والحسد مثلا مع كون المرفوع في بعضها هو الحكم الشرعي وحده ، وفي آخر هو الوضع ، وفي ثالث كلاهما كما في الخطأ مثلا. نعم المعلوم انّ جمع هذه الامور في الحديث بملاحظة اشتراكها في كون الرفع فيها للامتنان ؛ وأمّا رعاية المناسبة من غير هذه الجهة فغير معلوم بل ظاهر العدم.
فان قلت : على ما ذكرت من إرادة خصوص الحكم من الموصول يلزم عدم شمول الحديث للشبهات الموضوعية.
قلت : بل الظاهر بقرينة سوق الحديث مساق الامتنان إرادة الحكم مطلقا كليا أو جزئيا ، كان منشأ الاشتباه عدم الدليل الشرعي على الحكم أو اشتباه الامور الخارجية فيشمل الشبهات الموضوعية أيضا.
والحاصل : انّ التمسك بالحديث للبراءة في الشبهات الحكمية والموضوعية لا بأس به ولا يحتاج إلى تقدير المؤاخذة في « ما لا يعلمون » كي يرد باختلافه مع سائر الأخوات في كون المؤاخذة فيها على نفسها دون المؤاخذة على الحكم ، لعدم المعنى له إلاّ على متعلقه فيختلف السياق في تقدير المؤاخذة.
الثاني : الظاهر بل المعلوم كون الحديث في مقام الامتنان فيدل على رفع ما كان في رفعه الامتنان من الأحكام دون ما لم يكن في رفعه الامتنان كما في الحلية