ثم انّه يدل على ما ذكرنا من كون المرفوع مطلق الأحكام ممّا كانت ينالها يد الجعل وضعية أو شرعية ولا ينحصر بخصوص ما يترتب عليه المؤاخذة ما روي عن أبي الحسن عليهالسلام : « في الرجل يستحلف على اليمين فحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال عليهالسلام : لا ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رفع عن امتي ما اكرهوا عليه ، وما لم يطيقوا ، وما أخطئوا » (١) الخبر فانّ استشهاده عليهالسلام على عدم انعقاد الحلف على الطلاق مثلا بحديث الرفع مع كونه كذلك عندنا في حال الاختيار أيضا شاهد على عدم اختصاصه بخصوص المؤاخذة.
واقتصاره عليهالسلام في الحديث على ثلاثة لعله من جهة كونها محل الحاجة ولا يدل على كونه حديثا آخر ، مع انّه لو كان كذلك فالظاهر من استشهاد الإمام عليهالسلام انّ هذا التركيب ظاهر في رفع مطلق الآثار.
الثالث : انّه لا بدّ أن يعلم انّ المرفوع أي مرتبة من مراتب الأحكام ، فنقول : انّ المصلحة المقتضية لها :
قد تكون مقتضية لانشائها فقط بدون أن يصير فعليا ، لا لوجود المانع عن الفعلية بل لعدم تمامية المقتضي بالنسبة إليها والحكم الانشائي حينئذ بحيث لو علم به لما يصير فعليا.
وتارة : يكون المقتضي للفعلية تاما أيضا بحيث لا حالة منتظرة للبعث على طبقه الاّ انّ الجهل مانع عنه كما يكون مانعا عن التنجز بحيث لو علم به ليتنجز مع كون البعث تاما وما دام الجهل ، تكون الفعلية بهذا المعنى أي مع تمامية المقتضي متحققة. نعم البعث والارادة الفعلية منتفيان ومع علم المكلف بالحكم تكون الإرادة متحققة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٦ : ١٦٤ الباب ١٢ من ابواب كتاب الأيمان ، الحديث ١٢. وفيه « يستكره » بدل « يستحلف » و « وضع » بدل « رفع ».