ثم انّ الارادة الفعلية التي تكون مغايرة للعلم إنّما هي بالنسبة إلى المبادئ السافلة مثل نفس النبي صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام وأمّا بالنسبة إلى مبدأ المبادئ فليس إلاّ العلم بالصلاح وتمامية المقتضي. نعم إرادته هو العلم بالصلاح في الارادة الذاتية ، وأمّا الارادة الفعلية فان كانت تكوينية فهي عين الايجاد والافاضة وان كانت تشريعية فهي عين الارادة التي كانت في النفس النبوية والولوية.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انّ المرفوع لا يكون هو المرتبة الاولى التي تكون انشائيا محضا بحيث لو علم به لا يصير فعليا ، لبداهة عدم كون حديث الرفع نسخا ولا تقييدا للأحكام الواقعية ، مع انّه يلزم ارتفاع الموضوع للرفع وهو المشكوك بما هو مشكوك بحكمه مع بداهة انّ الموضوع مقتض للحكم لا مناف له بحيث يرتفع بمجيء الحكم ؛ هذا مضافا إلى عدم الامتنان في رفع الحكم الانشائي.
وأمّا المرتبة الثانية التي كان المقتضي للارادة والبعث تاما ويكون انتفاؤهما من جهة الجهل فهو لا ينافي البراءة الفعلية حيث انّه يصدق معها انّ الحكم الواقعي بحيث لو علم به لصار منجزا. نعم الارادة الفعلية والبعث الفعلي إلى الفعل أو الترك يكون منافيا للبراءة سواء ثبتت بلسان الترخيص كما في قوله عليهالسلام : « كل شيء حلال » أو بلسان رفع الحكم الذي لازمه الترخيص عقلا أو شرعا ؛ فالمرفوع هو هذه المرتبة وهو ليس مجرد التنجز كي يرد بارتفاعه عقلا مع الجهل فلا منّة في رفعه بل هو الارادة الفعلية وهو ممّا يتوقف عليه التنجز لا نفسه ، ولا يكون الجهل مانعا عنه عقلا بل كان مانعا عنه شرعا بمقتضى حديث الرفع فيحصل الامتنان.
فظهر ممّا ذكرنا : انّ المرفوع هو مرتبة البعث من الأحكام مع كون الرفع أعم من الدفع بأن يبدأ المانع حتى لا يصل إلى هذا الحد ، وعرفت انّ المرفوع أعم من الحكم الكلي بالنسبة إلى الشبهات الحكمية والحكم الجزئي بالنسبة إلى الشبهات الموضوعية :