وامّا ما استدل به الشيخ قدسسره في العدة (١) ، ففيه : انّ المراد بالمفسدة :
ان كان هو العقاب ، فهو مأمون منه بحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
وان كان ملاك حكم الشرع من المصالح والمفاسد ، ففيه : انّ الملاك للأحكام الفعلية هو الجهات الواقعية المتصفة بالحسن والقبح ، ومن المعلوم انّها ما لم يحصل العلم بها لا تتصف بالحسن والقبح ، ومن المعلوم انّ عنوان احتمال المفسدة ليس بنفسه من العناوين والجهات المقبّحة ، والجهة الواقعية قد عرفت حالها ، فلا مقبّح عقلا في البين في صورة احتمال المفسدة إلاّ التجري غير الالزامي.
وامّا ما أجاب به الشيخ قدسسره في الفرائد (٢) في صورة اختيار كون المراد غير العقاب :
بأنّ الضرر ممّا يرتكبه العقلاء لبعض الأغراض النفسانية فضلا عن صورة الاحتمال ؛ مضافا إلى كونه شبهة موضوعية لا يجب فيها الاحتياط باتفاق الاخباريين ، ففيه :
انّ المفسدة التي ملاك الحكم الشرعي الموجب للقبح العقلي غير الضرر غير الموجب للقبح ، بل الجهات المقبحة قد تنطبق على الضرر الذي لا يرتكبه العقلاء. وجعله شبهة موضوعية مع انّه لا بدّ فيها من كون منشأ الاشتباه اختلاط الامور الخارجية ، فيه ما لا يخفى ؛ بل لو تنزلنا عما ذكرنا من عدم كون احتمال المفسدة من العناوين المقبحة فلا اشكال في حكم العقل بلزوم الاحتراز عنه فيكون حكم العقل بيانا للحرمة المحتملة ولو على عدم الملازمة ، لكفايته حكم العقل بلزوم دفع المفسدة حجة عليها ولو لم يكن هذا الاحتمال بنفسه للحكم
__________________
(١) العدة ٢ : ٧٤٢.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٩١.