قبل تأثير العلم الاجمالي في تنجيز الوجوب النفسي المتعلق به على جميع التقادير والاحتمالات ومنها احتمال تعلقه بالأكثر ، بحيث لو فرض انتفاء التنجز والعقاب يقينا عن بعض الاحتمالات لما كان العقاب على ترك الأقل معلوما ، فكيف تجري البراءة عن الأكثر.
وان شئت قلت : انّ تنجز الطلب المتعلق بالأقل إنّما كان مسببا عن تنجز الوجوب النفسي المعلوم بالاجمال مطلقا ، فعلى تقدير رفع تنجزه على تقدير تعلقه بالأكثر يرتفع المسبب وهو تنجز الأقل على هذا التقدير ويبقى الاحتمال الآخر بحاله ، وهو لا يجدي في ارتفاع أثر العلم الاجمالي عن الأكثر.
وسرّ ما قلنا من تبعية المقدمة لذيها : انّ همّ الموالي العقلائية في مقام الطلب وهمّ العبيد في مقام الامتثال إنّما هو بالنسبة إلى المطلوب النفسي لا الغيري إلاّ تبعا وترشحا منه ، ومع رفع الاهتمام عن طلب ذي المقدمة لا يبقى اهتمام بالنسبة إليها أبدا ، وحينئذ فكيف يعلم تفصيلا الاهتمام بالنسبة إلى الأقل مطلقا مع رفع الاهتمام عن الأكثر؟
ومن هنا ظهر عدم صحة الانحلال في طلب الموالي العرفية أيضا إذا دار بين الأقل والأكثر.
هذا كله لو لم يعلم بتعلق طلب آخر نفسي لغرض آخر على الاقل غير الطلب النفسي المردد بين الاقل والاكثر ، واما لو علم بطلبه على حدة لغرض حاصل منه بخصوصه وشك في حصول الغرض الآخر الناشئ من قبله الطلب منه أو من الأكثر فلا اشكال في الانحلال كما يظهر وجهه [ قريبا ]. (١)
وامّا ثالثا : على تقدير صحة الانحلال والعلم التفصيلي بالطلب الفعلي للأقل
__________________
(١) في الاصل المخطوط ( آنفا ).