حتى عاد مرتين ، فقال : « ويحك وما يؤمّنك أن أقول نعم ، لو قلت لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ، إذا أمرتكم ... الخ » (١) وحينئذ يمكن كون كلمة « من » للتبعيض ولكن بلحاظ الافراد لا الاجزاء وكلمة « ما » تكون عبارة عن المقدار ، فيكون حاصل المعنى : إذا أمرتكم بشيء ذي افراد فأتوا من افراده مقدارا منها استطعتم به.
ولكن الانصاف : ظهور كلمة « من » في التبعيض مع ارادة المركب أو الأعم منه من الشيء ، [ و ] لا يخلو عن قوّة فيتم الاستدلال فتدبر.
وامّا قوله عليهالسلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور » فوجه دلالته يبتني على أن يكون المراد من « المعسور » هو المركب من عدة اجزاء ومن « الميسور » عدة اجزاء من ذاك المركب بعد تعذر بعض اجزائه غير المقومة لماهيته وكان قوله : « لا يسقط » انشاء حكم نفسي للباقي بعد كونه واجبا غيريا سابقا ؛ وعدم السقوط :
امّا يراد منه عدم سقوط حكم الميسور بلحاظ تلبسه سابقا بالحكم سواء جعل مقدارا أو جعل الموضوع كناية عنه.
أو يراد منه عدم سقوط نفس فعل الميسور على المكلف ، بمعنى ثبوته عليه ، فيكون انشاء طلب بالنسبة إليه مع قطع النظر عن حالته السابقة.
وقد أورد عليه بوجوه :
الأول : انّه يدور الأمر بين كون المراد من المعسور كليا ذا افراد مجتمعة في الحكم الواحد بتوهّم الارتباط بينها في الحكم بحيث يسقط الكل عند تعذر البعض ، والميسور عدة افراد باقية منه بعد تعذر بعضها الآخر وكان الخبر في مقام دفع ذاك التوهم ، وبين كون المراد منهما المركب وبعض اجزائه كما عرفت. ولا أولوية للثاني لو لم يدّعى الأولوية للأول بلحاظ التعبير بعدم السقوط المشعر باتّصاف الثاني بما
__________________
(١) بحار الانوار ٢٢ : ٣١.