في المسجد كذلك.
إذا عرفت ذلك ، فظهر المزاحمة بين صلاتي القصر والاتمام حيث انّه مع اتيان أحدهما لا يبقى مجال للآخر سواء كان هو المشتمل على الزيادة أو لا ، وإذا كانت بينهما مزاحمة كانت بينهما مضادة فيكون الأهم منهما وهو القصر للمسافر والاتمام للحاضر مأمورا به فقط ، ولكن لمّا كان التحقيق هو : عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده كان غير الأهم باقيا على ما هو عليه من المصلحة وصالحا للتقرب به إليه تعالى من جهة محبوبيته الذاتية بناء على ما هو التحقيق في العبادات : من عدم احتياج الصحة فيها إلى الأمر ، فحينئذ إذا أتى المكلف بغير الأهم جهلا لا يبقى مجال لامتثال الأمر بالأهم ، فان كان عن قصور فلا يعاقب على فوت المصلحة الزائدة ، وان كان عن تقصير فيعاقب على تفويتها.
إذا عرفت ذلك فظهر دفع الاشكال بحذافيره : امّا صحة المأتي به غير المأمور به من القصر في موضع الاتمام والجهر في موضع الاخفات وبالعكس ، فلاشتماله على المصلحة الجامعة.
وامّا العقاب على ترك الواقع المأمور به ، فلتفويت ما هو المشتمل عليه من المصلحة الزائدة اللازمة الاستيفاء ولو انكشف الخلاف في الوقت ، لعدم امكان الاستيفاء بعد الاتيان بغير الأهم ، ولذلك ورد في الخبر : « تمّت صلاته ولا يعيد » (١) مع فتوى المشهور على العقاب على مخالفة الواقع.
وقد اجيب عن الاشكال :
تارة : بمنع تعلق التكليف فعلا بالواقعي المتروك والعقاب عليه امّا بانقلاب
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ : ٧٦٦ الباب ٢٦ من ابواب القراءة في الصلاة ، الحديث ١.