لمّا كان بلسان نفي الموضوع فلا بدّ من كونه من أحكامه لو لا قاعدة نفي الضرر ؛ بخلافه بناء على ما ذكره الشيخ قدسسره فانّ المنفي ابتداء هو الحكم المنشأ للضرر بدون لحاظ الموضوع. وعلى هذا المبنى قد أورد الشيخ قدسسره (١) على المشهور في مبحث الخيارات في اثبات الخيار بالقاعدة وتردد بين اللزوم مع التدارك وبين الجواز ؛ ولكن جوابه ما ذكرنا : من انّ مبنى المشهور هو ما ذكرنا.
فتلخص مما ذكره المشهور من اثبات الخيار : ان معنى القاعدة هو ما ذكرنا وان كان في اثبات الخيار بمعنى الحقّ بناء عليه أيضا مشكلا ، بل المسلّم هو الخيار بمعنى جواز الفسخ والامضاء حكما.
ثم انّ المنفي من أحكام الموضوع بناء على ما ذكرنا هو الحكم الثابت له ـ لو لا القاعدة ـ الذي كانت المنّة في رفعه ، لا كل ما كان له من الأحكام ، ولذلك يحكم في المثال بنفي اللزوم لا بنفي الصحة ، لعدم المنّة في رفعه بل يحكم بها بمقتضى قوله : ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٢).
كما انّه لا بدّ أن يكون المنفي من أحكام العنوان الذي قد يترتب عليه الضرر ويكون بينهما العموم من وجه كالبيع والغسل والوضوء ونحوها ، لا من أحكام نفس عنوان الضرر كحرمة الاضرار بالنفس أو بالغير مثلا ، حيث انّ ظاهر القاعدة كون المقتضي لرفع الأحكام هو الضرر.
ولا يخفى انّه بالنسبة إلى الحكم المترتب على نفسه يكون مقتضيا لثبوته كما هو شأن مطلق الموضوعات بالنسبة إلى أحكام أنفسها ، ومن المعلوم انّ المقتضي للثبوت لا يكون مقتضيا للرفع فلا بدّ من كون المنفي الحكم الذي يترتّب على عنوان آخر قد يكون ضرريا فيرتفع حكمه في ذاك الموقف بواسطة الضرر كما في
__________________
(١) المكاسب ٥ : ١٦١ ـ ١٦٢.
(٢) سورة البقرة : ٢٧٥.