التركيب وهو نفي الحقيقة بلا مجاز في الكلمة ، غاية الأمر يكون نفس الحقيقة تارة حقيقة واخرى ادّعاء بنحو المجاز في الاسناد وكناية عن نفي الحكم والأثر ، أو مع عدم المجاز فيه أيضا ، لصحة اسناد النفي إلى الموضوع عرفا فيما كان المقصود الحقيقي نفي الحكم والأثر لكون نفيه مصححا لنسبة النفي إلى الموضوع من جهة شدة المناسبة بين الموضوع وحكمه.
وعلى أي حال يكون المراد من هذه التراكيب نفي الموضوع كناية عن نفي الأثر ، لا نفيه ابتداء ، لأنّ ما ذكرنا هو مقتضى البلاغة والفصاحة في مقام المبالغة والامتنان كما قلنا نظير هذا المعنى في حديث الرفع من انّه لرفع الحكم بلسان نفي الموضوع ، وإلاّ فلو اريد من مدخول « لا » في هذه التراكيب ابتداء نفس الأثر المقصود نفيه حقيقة لما كان الاستعمال بليغا بل يكون مستهجنا في بعض المقامات كما في بعض خطب الأئمة عليهمالسلام : « أنتم أشباه الرجال ولا رجال » (١) فان ارادة صفة الكمال منه بدوا يوجب الخروج عن البلاغة كما لا يخفى.
ويؤيد ما ذكرنا فهم المشهور من قاعدة نفي الضرر ذلك بقرينة اطباقهم على التمسك بها لاثبات خيار المغبون في البيع الغبني بين الفسخ والامضاء وإلاّ فلو كان ما فهموه هو ما ذكره الشيخ قدسسره (٢) لكان في اثبات الخيار بهذه القاعدة في المثال تأملا بل منعا ، حيث انّ المنفي بناء عليه هو الحكم الذي ينشأ منه الضرر وهو في المثال لزوم المعاملة بلا تدارك في البين ، ونفيه أعم من نفي اللزوم واثبات الجواز ومن بقاء اللزوم مع الالتزام بالتدارك فيكون الأمر مرددا بينهما.
والسرّ : انّ المنفي بناء على ما ذكرنا وان كان هو الحكم أيضا حقيقة إلاّ أنّه
__________________
(١) « يا اشباه الرجال ولا رجال » ، الخطبة ٢٧ من نهج البلاغة : ٦٦.
(٢) المكاسب ٥ : ١٦١.