وقد يكون فيهما معا على سبيل الترتب ، كما فيما نحن فيه ، بأن تكون : مصلحة ابتداء في نفس الطهارة الواقعية بذاتها مقتضية لاشتراط الصلاة بها ، ومصلحة اخرى كافية على تقدير عدم احراز المصلحة الاولى في احراز الطهارة.
وحينئذ : فقد يقوم الدليل على كليهما ابتداء ، ولكن مصلحة الاحراز لمّا كانت مترتّبة على المصلحة الواقعية ويقوم مقامها عند عدمها فيقوم الدليل ابتداء على اشتراط الصلاة بنفس الطهارة ثم يستكشف اشتراطها باحرازها أيضا بدليل ثانوي يدلّ على ترتيب أثر الشرط بعد كشف خلاف الطهارة فيستكشف بدلالة الاقتضاء من هذا الدليل انّ احرازها شرط أيضا كما فيما نحن فيه ، حيث انّ الدليل قام ابتداء بمقتضى قولهم عليهمالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » بناء على شمولها للطهارة الخبثية على شرطية الطهارة الواقعية ؛ ويستكشف أيضا من مثل رواية زرارة (١) الحاكمة بعدم الاعادة بعد كشف الخلاف انّ الشرط في هذا الحال هو الاحراز ولو بدلالة الاقتضاء ، فمع عدم الطهارة واقعا يقوم احرازها مقامها ؛ فإذا عرفت شرطية الطهارة ابتداء فيظهر : صحة اجراء الاستصحاب في نفس الطهارة بملاحظة شرطيتها الواقعية فيترتب عليه الاحراز ، ولكن ما دام لم يستكشف الخلاف لا بدّ أن يستند الإجزاء إلى نفس الطهارة التعبدية لكونها في مرتبة متقدمة بالنسبة إلى احرازها ، وما دام إليها سبيل ـ ولو ظاهرا ـ فلا بدّ أن يستند في ترتب الأثر إليه ، وبعد رفع اليد عنها فيتشبث بذيل احرازها في ترتيب آثارها.
فان قلت : على ما ذكرت فلا بدّ أن يتمسك لعدم الاعادة ـ بعد كشف الخلاف ـ بالاحراز والتعبد اليقيني بالطهارة لا بنفس الطهارة التعبدية كما في الرواية ، حيث علل بنفسها لا باحرازها كما لا يخفى.
__________________
(١) تهذيب الاحكام ١ : ٤٢١ الباب ٢٢ باب تطهير البدن والثياب من النجاسات ، الحديث ١٣٣٥ ، مع تفاوت يسير.