الظن ؛ ويعلم ذلك بالمراجعة إلى العقلاء فانّهم لا يكتفون به عند عدم مقدمة اخرى في البين في التكاليف المتعلّقة من الموالي إلى عبيدهم لا إثباتا ولا اسقاطا ؛ كما انّ من المعلوم أيضا انّه لا يتأبّى ولا يتعصّى عن ذلك ذاتا بحيث يكون عدم الحجية من لوازم ذاته غير المنفكة عنه كي لا يمكن طروّها عليه أصلا ؛ كيف وقد تكون الحجية من مقتضيات ذاته كما في زمان الانسداد بعد تمامية المقدّمات ويحكم العقل أيضا بعدم كونه ذاتا ممّا يستحيل جعله حجة من قبل الشارع والحكم بوجوب اتّباعه كما كان كذلك النهي عن القطع بالتكليف الفعلي واجتماع النقيضين.
فظهر ممّا ذكرنا انّ طرفي النقيض من الحجية وعدمها ليسا من لوازم وجود الظن وضرورياته فتكون ذاته لا اقتضاء بالنسبة إلى كلا الطرفين وانّ الامكان والامتناع في محلّ النزاع ليسا ذاتيين بل امكانه الذاتي بمعنى كونه لا اقتضاء وفي حدّ سواء بالنسبة إلى الطرفين ذاتا لا ينكره أحد.
وليعلم أيضا : انّ الامكان الاحتمالي بمعنى احتماله عند عدم العلم به ممّا لا يشكّ فيه عاقل فضلا عن فاضل ولا يحتاج الحكم به إلى مئونة برهان بل يكفيه عدم الاطلاع على ما يوجب الاستحالة ، فالذي يصلح أن يكون محلا للنزاع هو الامكان بمعنى عدم ترتّب لوازم مستحيلة وتوال فاسدة عليه على فرض وجوده ، ومقابله الامتناع كما يشهد به ما استدل به ابن قبة (١) : من لزوم تحليل الحرام وعكسه بمعنى لزومها منه ويسمّيان بالامكان والامتناع الوقوعيّين ؛ والامتناع بهذا المعنى إنّما يلزم من ترتّب توال فاسدة على الشيء على فرض وجوده ، وهذا غير الامتناع الغيري الذي [ اصطلحوه ] (٢) على كون الشيء معدوما بعدم علته.
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٠٥.
(٢) في الاصل المخطوط ( اصطلحوا ).