فالتحقيق في الجواب : بعد النقض بالشك في نسخ أحكام هذه الشريعة بالنسبة إلى المعدومين في زمان الخطاب ، ان يقال : انّ القضايا المتعارفة في العلوم المشتملة على اثبات المحمولات للموضوعات إنّما هي قضايا حقيقية ثابتة فيها الحكم لأفراد الموضوع كانت محققة الوجود أو مقدرة لا خارجية بقصور الحكم لخصوص الافراد الخارجية كما قرر في المنطق ، وإذا كان كذلك فنقول : انّ القضايا الكلية في هذه الشريعة أو في الشريعة السابقة مثل « يا أيّها المؤمنون » أو ( لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ ) (١) ونحو ذلك يكون لها [ جهتا ] (٢) عموم افرادي بالنسبة إلى كل فرد من المكلفين إلى يوم القيامة غاية الأمر يكون بالنسبة إلى الحاضرين الموجودين حكما فعليا وبالنسبة إلى المعدومين حكما شأنيا تكون فعليته معلقة على وجود المكلفين خارجا ، وهذا غير تعلق خطاب المشافهة بالمعدومين كما قرر في محله. وقرر أيضا جواز تعلق الحكم الشأني بالمعدومين.
فاذا كان الخطاب من حيث الافراد عاما افراديا أو مطلقا فان كان من جهة الحالات أيضا كذلك فلا حاجة إلى الاستصحاب.
وأمّا ان كان مهملا من هذه الجهة فيشك في ثبوت الحكم في بعض الحالات فيحتاج إلى الاستصحاب سواء كانت الحالة الطارئة المشكوك ثبوت الحكم معها بعد وجود الموضوع وفعلية الحكم له ، أم كانت مقارنة لأول وجوده كما في المقام حيث انّ الشك في النسخ كان للاّحقين من أول وجودهم ولكن كان تعلق الحكم بهم في زمان صدور الخطاب متيقنا انشاء وان كان لم يكن فعليا وصار مشكوك البقاء من أول وجودهم خارجا فيستصحب بقاء الخطاب بالنسبة إليهم كما كان
__________________
(١) سورة آل عمران : ٩٧.
(٢) في الاصل المخطوط ( جهتان ).