تجري بعد ذلك أصالة الصحة لو شك في الصحة ، لعدم احراز بناء العقلاء على الأخذ بظهور الفعل.
ثم انّه لو شك في كون الانشاء الجدّي في العقد اللفظي بداعي الطيب النفساني أو بداعي الإكراه فلا شك في الحمل على عدم الاكراه ؛ وأمّا انّه من جهة الأصل العقلائي المحرز للوجود؟ أو من جهة أصالة الصحة؟
فالتحقيق : انّه مجرى لهما ، وانّ الاكراه غير الواصل إلى حدّ الاجبار ليس بمخل في تحقق قوام العقد عرفا وان اعتبر في صحته شرعا بمثل قوله عليهالسلام : « لا يحلّ مال امرئ إلاّ بطيب نفسه » (١) ونحوه. ولكنه لو لا حجية أصالة الصحة أيضا لكان بناء العقلاء على عدم الحمل على الاكراه ، بل على الطيب كما لا يخفى.
ثم انّ المراد بمقومات الوجود : ما كان له دخل في العمل الذي يترتب الأثر عليه شرعا ؛ وبعبارة اخرى : في الموضوع الذي كان له عنوان عرفا بحيث ينتفي الوجود بدونه ، فكل ما اعتبر في ترتب الأثر بعد ذلك إنّما هو من الامور المعتبرة في ترتب الأثر شرعا.
ولا يشكل على الصحيحي : انّ جميع الاجزاء والشرائط كذلك ، حيث انّه كذلك في مقام التسمية واطلاق اللفظ حقيقة لا في مقام تحقق المأمور به وجودا ولو بالمسامحة العرفية ، كيف ووجود الجامع الذي يكون له فردان صحيح وفاسد ـ بحيث يصدق على كل منهما عرفا ـ معتبر في موضوع نزاع الصحيحي والأعمّي كما لا يخفى.
ثم انّ ما ذكرنا : من جريان أصالة الصحة فيما لو شك في الامور غير
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٤٢٤ الباب ٣ من ابواب مكان المصلي ، عدة احاديث بهذا المعنى ؛ الكافي ٧ : ٢٧٣ كتاب الديات ، باب القتل ، الحديث ١٢.