المحدث والجنب مع عدم تحقّق شرطها فيهما ، وهو الطهارة. ويجب الصلاة على من لم يتلبّس بالنيّة مع أنّها شرطها. والاستقراء يفيد القطع في ذلك. والسرّ في ذلك ما تقدّم من وجوب تحصيل الشرط للواجب المطلق ، فيجب على المحدث أن يتطهّر ويصلّي.
وقد وقع الخلاف في تكليف الكفّار بفروع الشريعة على أقوال (١) : ثالثها : أنّهم مكلّفون بالنواهي دون الأوامر. ورابعها : أنّ المرتدّ مكلّف دون الكافر الأصلي. وخامسها : أنّهم مكلّفون بما عدا الجهاد.
ثمّ بعض المنكرين قال بعدم الجواز (٢) ، وبعضهم قال بعدم الوقوع (٣).
والحقّ الجواز والوقوع.
والدليل على الأوّل ، ما ذكرنا أوّلا ؛ فإنّ انتفاء الشرط الشرعي للتكليف ـ وهو الإيمان ـ لا ينافي وجوبه كما علمت (٤). ولا يتصوّر مانع سواه.
احتجّ الخصم : بأنّه لو صحّ تكليف الكافر ، لأمكن له الامتثال مع أنّه لا يمكن ، أمّا في حالة الكفر ، فظاهر. وأمّا بعده ، فلأنّ الإسلام يجبّ (٥) ما قبله ، فيسقط عنه التكليف ، والامتثال فرعه.
والجواب : أنّه ممكن في حال الكفر بأن يسلم ، ثمّ يمتثل التكليف كالمحدث والجنب.
وعلى الثاني ، ما ورد من الأوامر العامّة بالعبادات الشاملة لهم ، كقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ )(٦) ، و ( وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ )(٧) ، و ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ )(٨) الآية.
__________________
(١) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة ١ : ٧٥ ـ ٨١ ، ومنهاج الاصول المطبوع مع نهاية السؤل ١ : ٣٦٩ وما بعدها ، وتمهيد القواعد : ٧٦ و ٧٧ ، القاعدة ١٧.
(٢ و ٣) هم من أصحاب الرأي وأبي حامد الإسفرايني. ونسب الآمدي عدم الجواز إلى بعض الثنويّة في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٨٠.
(٢ و ٣) هم من أصحاب الرأي وأبي حامد الإسفرايني. ونسب الآمدي عدم الجواز إلى بعض الثنويّة في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٨٠.
(٤) ما مرّ هو انتفاء شرط المكلّف به دون شرط التكليف ، راجع مقدّمة الواجب ، ص ١٣٤ ، وأوّل هذه المسألة. والتنافي بين انتفاء شرط التكليف ووجوب العمل واضح.
(٥) تفسير القمّي ١ : ١٤٨.
(٦) البقرة (٢) : ٢١.
(٧) يس (٣٦) : ٦١.
(٨) آل عمران (٣) : ٩٧.