وجوابها : منع عدم القدرة على العدم إذا كان مضافا. وتعرف له زيادة بيان.
هذا ، مع أنّ هذه الحجّة إن تمّت لا تدفع القول الثاني.
وحجّة الثاني وجهان :
أوّلهما : أنّ حمل النهي على أنّ المراد منه إيجاد الضدّ خلاف اللغة والعرف ، فاندفع القول الأوّل. وليس المراد منه نفي الفعل ؛ لأنّه غير مقدور عليه ، والمكلّف به يجب أن يكون ممكن الوقوع من المكلّف (١).
وجوابه : أنّ نفي الفعل لو لم يكن مقدورا عليه ، لم يكن الفعل أيضا كذلك ؛ لأنّ نسبة القدرة إلى الطرفين على السواء.
وردّ : بأنّه عدم كان ثابتا قبل واستمرّ ، ولا يمكن أن يكون أثرا للقدرة ؛ لأنّه لا بدّ لها عقلا من أثر حادث متجدّد (٢).
ولا يخفى ما فيه ؛ فإنّ إبقاء الاستمرار وعدم رفعه ممّا يصلح أن يكون متعلّقا للقدرة ، بل هو المكلّف به في النهي ليس إلاّ.
وثانيهما : أنّ المكلّف به في النهي لو كان نفي الفعل ، لزم أن يترتّب عليه الثواب وإن لم يتحقّق الكفّ ؛ لأنّ المكلّف به في الحرام ما يترتّب عليه الثواب ، فيلزم أن يكون تارك الزنى ـ مثلا ـ مثابا وإن لم يكفّ نفسه عنه ، كما في صورة عدم القدرة ، أو الشوق ، أو الشعور (٣).
وجوابه : أنّ الثواب يترتّب على نفي الفعل ، إلاّ أنّه مشروط بأن يكون مقارنا للشعور والقدرة.
وإذا عرفت عدم تماميّة القولين الأوّلين ـ بل عدم صحّة القول الأوّل ؛ لما ذكر في حجّة الثاني ـ تعلم أنّه لا بأس بالقول الثالث ، بل هو الحقّ ؛ لأنّه قد يتحقّق ترك الحرام مع إرادة الفعل عند القدرة ، ولا شكّ أنّه لا يمكن تحقّق الكفّ حينئذ ، فثبت القدرة على نفي الفعل من دون الكفّ.
__________________
(١ و ٢) تقدّم تخريجهما آنفا في أوّل البحث ، وأيضا راجع شرح مختصر المنتهى ١ : ٢٠٢ و ٢٠٣.
(٣) قاله الأسنوي في نهاية السؤل ٢ : ٣٠٧.