طرقهم أنّه ذكر عند ابن عبّاس أنّه ترك بعض الناس قراءة البسملة في أوائل السور ، فقال : سرق الشيطان من الناس آية (١).
وروي أيضا أنّه قال : من تركها ، فقد ترك مائة وأربع عشرة آية (٢).
والظاهر أنّ تحقّق ترك العدد المذكور مبنيّ على اعتبار البسملة في وسط النمل مع البسملة في أوائل السور ؛ لأنّها مائة وثلاث عشرة. ويمكن أن يقال : بناء ذلك على المبالغة وإن لم يكن للبراءة بسملة.
وقد أجاب العامّة عن الروايتين بأجوبة واهية.
وأقوى احتجاجاتهم على عدم الجزئيّة : أنّ القرآن يجب أن يتواتر ، ولم يتواتر أنّ البسملة من القرآن في أوائل السور ، وإلاّ لم يختلف فيه الطوائف (٣).
والجواب : أنّ العلّة في توفّر الدواعي على النقل تعطي تواتر المكرّر في محلّ ما ، وليس تواتره في كلّ محلّ لازما ، ولا كلام في تواتر البسملة في وسط النمل ، مع أنّ تواتر جميع آيات القرآن عند جميع الطوائف محلّ كلام ، خصوصا إذا حدث سبب خارجي.
وقد ذكر بعض علماء العامّة (٤) أنّه لمّا تواتر كون البسملة من القرآن في أوائل السور من مذهب عليّ عليهالسلام ، فوضع أنس بن مالك بأمر المعاندين أحاديث دالّة على عدم الجزئيّة عنادا.
وكيفيّة التفريع على كون القرآن متواترا : أنّه لا يقع التعارض بينه وبين أخبار الآحاد وما في قوّتها من الأدلّة ؛ لعدم تقاومها مع المتواتر ، فيجب العمل به بشرط عدم مانع آخر من جهته ، كالإجمال ، وأمثاله.
والتفريع على جزئيّة البسملة ـ على ما ذهب إليه أصحابنا (٥) ـ أنّه يجب تعيين السورة عند قراءة البسملة ، كما قال به الأصحاب (٦).
__________________
(١ ـ ٣) الإحكام في أصول الأحكام ١ : ٢١٧ ، وأصول السرخسي ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨١ ، وراجع نهاية الوصول إلى علم الأصول ١ : ٣٣٦ ـ ٣٣٩.
(٤) لم أعثر عليه.
(٥) منهم الشهيد في الدروس الشرعيّة ١ : ١٧١.
(٦) منهم الشهيد في البيان : ١٥٧.