المعصوميّة لا يجوز تفسيرها حينئذ ، والعمل بها ، والتي وردت في تفسيرها الآثار يكون الحجّة هي دونها.
وذهب بعض إلى جواز العمل بالمحكمات دون الظواهر (١).
وأجمع أهل الاجتهاد على أنّ كلّ آية كانت واحدة من الثلاث الاول يجوز تفسيرها والعمل بها من دون الافتقار إلى ورود نصّ في تفسيرها ، بل كلّ من كان عارفا بلغة العرب ، وحصل له من العلم ما تمكّن من فهمها ، يجوز أن يفسّرها ويعمل بها ، وتكون حجّة له وعليه. وإن كانت من الأخيرة ـ أي المتشابهات ـ فلا يجوز أن يعمل بأحد محتملاتها بمجرّد إخطاره بالبال من دون شاهد من العقل أو النقل ، كما يظهر من كلام المبتدعين ، بل حجّيّته موقوفة على الدليل.
وهذا هو الحقّ ؛ لوجوه :
منها : أنّ الله تعالى أنزل قرآنا بلسان عربيّ مبين ، وجعله قطعا لعذر المكلّفين وحجّة على العالمين ، ووصفه بكونه نورا وهدى وبيانا وشفاء ، وأودع فيه دلائل التوحيد ، ومعرفة صفاته الكماليّة ، واصول الأحكام ، وما يتعلّق بالحلال والحرام ، وأمر عباده بالتفكّر فيه ، وندبهم على الاستنباط منه ، وذمّ على ترك تدبّره ، وذكر فيه المواعظ والنصائح ، وأمر الناس بأخذها والعمل بها ، وقصّ فيه قصص الماضين ، وأمر عباده بالعبرة عنها.
وعلى قول الأخباريّين لم يتصوّر منه هذه الفوائد ، بل لم يجز لنا الانتفاع منه مطلقا.
ومنها : أنّه يمتنع أن يخاطب الله بما يدلّ ظاهره على غير مراده ؛ لإجماع الأمّة سوى المرجئة ، وللزوم التكليف بما لا يطاق ، أو الإغراء بالجهل. ولا شكّ أنّ ما عدا المتشابهات صريح أو ظاهر فيما فهم القوم منه.
ومنها : استفاضة الأخبار بعرض الحديث ـ مطلقا ، أو عند التعارض ـ على القرآن ، وأخذ ما وافقه ، وطرح ما خالفه (٢) ، والعرض عليه يتوقّف على كونه مفهوم المعنى.
__________________
(١) ذهب إلى هذا التفصيل السيّد صدر الدين في شرح الوافية كما في المصدر.
(٢) راجع : تفسير العيّاشي ١ : ٨٢ ـ ٨٣ ، ح ١٨ / ١ ـ ٢٤ / ٧ ، والكافي ١ : ٦٩ ، باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب ، ح ١ ـ ٥ ، والبرهان ١ : ٦٧ ـ ٦٨.