التصديق بها. ومن السلب انتزاعها. وعلى التقديرين لا يرد نحو « اضرب » باعتبار نسبة الحدث إلى المخاطب ؛ إذ لم يعلم وقوعها ، ولم يحصل التصديق بها.
وأيضا المراد من قوله : « بنفسه » أن يكون الإفادة المذكورة منه باعتبار الوضع ، ودلالة « اضرب » على إثبات الطلب للمتكلّم باعتبار العقل لا الوضع (١).
ولا يخفى أنّه يخرج حينئذ الخبر الذي تركّب من الألفاظ المستعملة في معانيها المجازيّة ؛ لأنّ دلالتها ليست باعتبار الوضع ، وتعميم الوضع بحيث يتناول المجاز يستلزم دخول « اضرب » ونحوه باعتبار الدلالة على نسبة الطلب إلى المتكلّم ؛ لأنّ الأمر بالضرب سبب لها.
وما قيل : إنّه لو اريد [ من ](٢) « بنفسه » كونه مستعملا بذاته ، خرج نحو « اضرب » ودخل الخبر المركّب من الألفاظ المجازيّة ، لا يخفى ضعفه ؛ لعدم تحقّق الاستعمال باعتبار الذات في كليهما. وإن أمكن أن يقال بتحقّقه في الألفاظ المجازيّة ، يمكن (٣) أن يقال في نحو « اضرب » ؛ لعدم التفاوت بينهما ، ولأجل ذلك لا يخلو هذا التعريف عن فساد.
ويرد عليه (٤) أيضا : أنّ تحقّق العلم بوقوع النسبة والتصديق بها إنّما هو في صورة صدق الخبر دون كذبه ، فيخرج الخبر الكاذب عن هذا التعريف.
ومثل هذا الإيراد يرد على سابقه أيضا ؛ لأنّ الخبر الذي لنسبته خارج هو الصادق دون الكاذب.
وأجاب بعضهم عنه : بأنّ مدلول كلّ خبر هو الصدق فقط (٥) ، أي وقوع النسبة ، والكذب احتمال عقلي يجوّزه العقل ؛ نظرا إلى أنّ مدلول اللفظ لا يجب أن يكون ثابتا في
__________________
(١) أجاب به القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٤٧. وقال : « صرّح البصري بالثاني في المعتمد ١ : ٧٥ ». ومراده بقوله : « بالثاني » هو تفسير « بنفسه ».
(٢) أضفناه لاستقامة العبارة.
(٣) في « ب » : « أمكن ».
(٤) أي على التعريف الثاني وهو رابع التعريفات للخبر.
(٥) ذهب إليه القرافي في الفروق ١ : ٢٤ ، ونقله التفتازاني عن بعض المحقّقين واختاره في المطوّل : ٤١. وذكر الكلباسي رحمهالله في الرسائل الرجاليّة ١ : ٤٢٥ : أنّ مراد التفتازاني من قوله : « بعض المحقّقين » هو الرضيّ نجم الأئمّة.