خبر صادقا وكاذبا وهو محال ، وإن عطف بينهما بـ « أو » لزم الترديد في الحدّ ، وهو غير جائز (١).
والجواب : اختيار الشقّ الثاني كما ذكرناه (٢) ، والترديد إنّما هو في أفراد المحدود لا في الحدّ ، والمراد أنّ الخبر قابل لأحدهما.
وقيل : الخبر كلام لنسبته خارج (٣).
وقيل : كلام يفيد بنفسه نسبة أمر إلى آخر (٤).
وأضاف بعضهم « إثباتا أو نفيا » (٥).
قيل : يرد عليهما نحو « اضرب » وغيره ممّا يدلّ على الطلب بناء على تحقّق النسبة فيه (٦) ، إمّا لأجل أنّ الحدث المطلوب منه منسوب إلى المخاطب ، فيكون المطلوب من « اضرب » الضرب المنسوب إلى زيد مثلا. وإمّا لأجل أنّ الطلب فيه منسوب إلى المتكلّم عقلا ، فقولنا : « اضرب » يدلّ التزاما على قولنا : « أطلب منك الضرب ».
واجيب : بأنّا سلّمنا تحقّق النسبة ـ على ما ذكر ـ فيه إلاّ أنّه لا يرد نقضا على التعريفين.
أمّا على الأوّل ، فظاهر ؛ لأنّه ليس لهذه النسبة متعلّق خارجي ، بخلاف « ضرب زيد » ؛ فإنّ لنسبته العقليّة متعلّقا خارجيّا هو الضرب الخارجي المنسوب إلى زيد.
وأمّا على الثاني ، فلأنّ المراد من إفادته النسبة أن يعلم منه وقوعها. هذا على تقدير عدم الإضافة المذكورة (٧) ، ومعها لا يحتاج إلى هذا ، بل نقول : المراد من الإثبات إيقاع النسبة ، أي
__________________
(١) قال ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٦٥ : « ولو سلّم فلم يدخل كلّ واحد الصدق والكذب » وقال في ص ٦٦ : « ويختصّ بأنّ حرف « أو » للترديد وهو مناف للتعريف » ، واختاره القاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٤٥ و ١٤٦.
(٢) أي في تعريف الخبر ص ٢٠٤. وفي « ب » : « ذكرنا ».
(٣) جعله ابن الحاجب أولى في منتهى الوصول : ٦٦ ، وكذا في مختصر المنتهى : ١٤٥ ، واختاره التفتازاني في المطوّل : ٣٧ ، والبهائي في زبدة الاصول : ٨٨.
(٤) اختاره ابن الحاجب وجعله أقرب معنى في منتهى الوصول : ٦٦ ، والقاضي عضد الدين في شرح مختصر المنتهى ١ : ١٤٥ ، وكذا شارح المختصر : ١٤٧.
(٥) أضافهما البصري في المعتمد ٢ : ٧٥. وفيه : « نفيا أو إثباتا ».
(٦) أورده ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٦٦ ، وفي مختصر المنتهى : ١٤٥.
(٧) أي إثباتا أو نفيا.