وواعية ، وخرجت المخدّرات كاشفات الرءوس ولاطمات الخدود ومازقات الجيوب ، وانضمّ إليه بعض آخر من القرائن ، فإنّا نقطع بموته ويحصل لنا العلم به.
لا يقال : حصول العلم هنا من القرائن ، ولا دخل للخبر فيه ، كما يحصل العلم بخجل الخجل ووجل الوجل من القرائن من دون خبر.
لأنّا نقول : للخبر دخل في إفادة العلم ؛ إذ لولاه لجوّزنا موت شخص آخر.
احتجّ الخصم بوجوه ضعيفة (١) :
منها : أنّه لو أفاد القطع لوجب الحكم بتخطئة المخالف له بالاجتهاد ، وهو خلاف الإجماع.
وجوابه : التزام التخطئة على فرض المخالفة مع اعتقاده (٢) بأنّه مفيد للعلم ، إلاّ أنّ هذا غير واقع ؛ لأنّ أحدا لا يخالف مقتضى علمه ، بل من خالف فمخالفته لأجل عدم تحقّق شرائط العلم عنده ، وحينئذ يجوز له المخالفة بشرط كون المقام قابلا للاشتباه ، وإن لم يكن كذلك ، فيكون مخالفته بمجرّد المكابرة ، أو (٣) العناد ، وحينئذ يجوز تخطئته.
ومنها : أنّ حصول القطع منه يؤدّي إلى حصول القطعين المتناقضين إذا اخبرنا بخبرين متناقضين محفوفين بالقرائن ، وهو مستلزم لاجتماع النقيضين ؛ لأنّ المقطوع به واقع في الخارج ، وهو محال.
وجوابه : أنّ الفرض المذكور محال عادة.
ومنها : أنّ الخبر المحفوف بالقرائن كثيرا ما يظهر كذبه للاشتباه وأمثاله ، كما إذا أخبر عدل بموت زيد ، وقارن خبره بالصراخ (٤) وإحضار الجنازة ، ثمّ ظهر أنّه لحقت به سكتة.
وقد ظهر جوابه ممّا ذكرنا في جواب بعض شبه من قال : التواتر لا يفيد العلم (٥).
ومنها : أنّه لو حصل العلم منه ، لاطّرد في كلّ خبر واحد ، واللازم باطل.
__________________
(١) راجع الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٤٨ ـ ٥١.
(٢) الضمير راجع إلى المخالف لا إلى من قام عنده الخبر المفيد للعلم.
(٣) في « ب » : « و ».
(٤) في « ب » : « الصراخ ».
(٥) راجع ص ٢١٦ وما بعدها.