المفيدة للعلم على ما ذكرنا ـ :
|
كلّ خبر لا يكون متواترا ويتعرّى من واحد من هذه القرائن ، فإنّ ذلك خبر واحد ، ويجوز العمل به على شروط ، فإذا كان خبر لا يعارضه خبر آخر ، فإنّ ذلك يجب العمل به ؛ لأنّه من الباب الذي عليه الإجماع في النقل ، إلاّ أن يعرف فتاويهم بخلافه ، فيترك لأجلها العمل به (١). انتهى. |
ولا ينافيه ما في ديباجة التهذيب حيث اشترط فيها انضمام القرائن إليه في صحّة العمل (٢) ؛ لأنّ مراده بها فيها صحّة الأسانيد ، أو وجود الخبر في اصول الأصحاب ، لا القرائن المفيدة للعلم ، وإلاّ لزم التناقض في كلامه.
ومنه يعلم أنّه لا ينافي ما ذكرنا ما يقول الشيخ كثيرا في التهذيب والاستبصار في مقام ردّ الأخبار : أنّها أخبار آحاد لا توجب علما وعملا (٣) ؛ لأنّ المراد أنّها لم يوجد معها الشروط التي يجب مراعاتها ، كصحّة الأسانيد ، أو وجودها في الاصول ، أو عدم مخالفتها لعمل الطائفة وأمثالها.
وإذا عرفت أنّ الشيخ لم يعتبر في حجّيّة خبر الواحد اقترانه بالقرائن المفيدة للعلم ، تعلم أنّ المخالفة بينه وبين المرتضى رحمهالله معنويّة ؛ لأنّه اعتبره فيها.
وبهذا يظهر ضعف ما ذكره بعض المتأخّرين من أنّ الإنصاف أنّه لم يتّضح عن حال الشيخ وأمثاله المخالفة للمرتضى ؛ إذ كانت أخبار الأصحاب يومئذ قريبة العهد بزمان لقاء المعصومين ، واستفادة الأحكام منهم ، وكانت القرائن العاضدة لها ميسّرة ، كما أشار إليه السيّد (٤) ، ولم يعلم أنّهم اعتمدوا على الخبر المجرّد لتظهر مخالفتهم له (٥).
ثمّ أيّد كلامه بما ذكره المحقّق (٦) من أنّ الشيخ وإن قال بوجوب العمل بخبر العدل ، إلاّ أنّه يتبيّن عند التحقيق أنّه لا يعمل بالخبر مطلقا ، بل بهذه الأخبار التي رويت عن الأئمّة عليهمالسلام
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٤.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٣.
(٣) تهذيب الأحكام ١ : ٢٤٢ ، ذيل الحديث ٦٩٧ و ٦٩٨ ، والاستبصار ١ : ٩٢ ، ذيل الحديث ٢٩٥.
(٤) تقدّم في ص ٢٣٨.
(٥) قاله الشيخ حسن في معالم الدين : ١٩٧ و ١٩٨. وفيه : « لتظهر مخالفتهم لرأيه فيه ».
(٦) معارج الاصول : ١٤٧.